ينجرف أبناء الجيل الحالي إلى من يدعون بأنهم نجوم بينما هم في حقيقتهم فعلاً نجوم ولكن في العالم الافتراضي وفرسان لكن في العوالم الوهمية وأبطال لكن من زجاج سرعان ما ينكسر مع أول احتكاك أو خدش.

لا أشير إلى شخص بعينه وإنما إلى مئات إن لم يكونوا بالآلاف، البعض منهم أصبح مهرجاً بغرض زيادة المتابعين، والبعض الآخر احترف سرقة الشعر والآخر في صيحات الموضة، وغيرهم استغلوا عوائلهم لكي ينقلوا يوميات حياتهم المصطنعة إلى جمهورهم.

وهناك من ادعى التدين وبات يقدم الفتاوى وكأنها سلعة سهلة المنال، وغيرهم من حسوا بعذوبة أصواتهم فأرادوا أن يشاركوا بها آذان المتابعين.

وهناك من ادعى المثالية ومارس دوراً بعيداً كل البعد عن حقيقة مستواه الفكري والعقلي، فأصبح ينقل تجاربه وجولاته إلى متابعيه وكأنه سندباد هذا الزمان وحكيم هذا العصر.

مثل تلك الشخصيات لا يصلنا منها سوى القشرة الخارجية فقط، ولا نعلم عنهم سوى ما أرادوا إظهاره لنا، لكنهم في واقعهم وفي حقيقة أمرهم لا يعدون كونهم توافه من توافه هذه الدنيا، جلبتهم لنا الحداثة والتطور باسم التواصل الاجتماعي وجعلت منهم رموزاً وقدوات بينما هم في واقعهم توافه تتوارثها الأجيال وتنقلهم لنا بحسب تطور المراحل الزمنية، ففي السبيعنيات والثمانينيات وحتى بداية الألفية الجديدة كان أسلافهم ومن على شاكلتهم يتمتعون بالشهرة أيضاً ولكن عبر لباسهم أو تصرفاتهم أو جنون بعضهم بحسب طبيعة الوقت.

الغريب والمحزن في الأمر أن بعض الجهات الرسمية تلجأ أحياناً لهم بغرض الترويج لعملهم أو الدعاية لإنجازاتهم، غير مدركين أن أولئك مجرد فقاعات مملوءة بالهواء ولا شيء غيره، هواء غير نقي وغير صالح للاستنشاق، يضر ولا ينفع، يمر على البيوت ليهدمها وعلى الأجيال ليفسدها.

إنها مواقع التواصل الاجتماعي وإن غزت منازلنا وهواتفنا رغماً عنا ولكن يبقى العقل هو الفيصل، يبقى العقل والمنطق هو المحرك الرئيس لتصرفاتنا وإطلاق أحكامنا على الأمور، وإلا فتلك البرامج على الشبكة العنكبوتية واقع مفروض شئنا أم أبينا، بكل ما تحمله من تفاهات البعض وخزعبلات الآخرين وشائعات المغرضين وغيرهم.

فإن ظهر لنا أحد أولئك الفارغين من الداخل عبر لقاء جاد أو حوار حقيقي وأخذ يتلكأ ويتحدث بلا منطق ودون أخلاق فلا تستغربوا، فتلك حقيقتهم وتلك عقلياتهم، ولكن وسائل التواصل أظهرتهم بصورة تجميلية انخدع بها من يطلق عليهم بالمتابعين.