باتت فكرة هيمنة موجة جديدة من الليبرالية في المجتمعات الخليجية شبه مؤكدة بحكم التحول في سلوك الحصول على المعرفة الذي كانت سلوكاً تقليدياً عندما اعتمد على الكتب، والآن صار سلوكاً غير تقليدي بالحصول على المعلومة في ثوان سريعة من الهواتف الذكية بما تقدمه من تطبيقات هائلة في مختلف المجالات والاهتمامات.

الموجة الجديدة من الليبرالية الخليجية التي نعيشها الآن، ستساهم في مزيد من التحرر للقيم والأفكار والأعراف والتقاليد، ومن المهم فهم سماتها المتعددة حتى يمكن تقديم أطروحات أو تحليلات بشأنها لاحقاً.

توجد خمس سمات أساسية في الليبرالية الخليجية المقبلة، أولها التفاعل الذي عادة ما يكون تجاه أي قضية، لكنه تفاعل يتجاوز التفاعل المحلي، ففي هذه الليبرالية يتم التفاعل مع قضايا عالمية، أو قضايا محلية في دول أخرى، ويقل الاهتمام بالقضايا المحلية كثيراً.

كذلك من السمات التواصل بين الأفراد بتجاوز الزمان والمكان، حيث أتاحت هذه الليبرالية التواصل مع أي شخص حول العالم، ويمكن مشاهدة ذلك بوضوح في التواصل الذي يتم عادة في ألعاب الفيديو التفاعلية بين أكثر من شخص يختلفون في الثقافة والسن والدين والبلد. وتؤدي هذه السمة إلى تأثر الأطفال الذين يتواصلون مع أشخاص أكبر منهم سناً دون سابق معرفة.

غياب الرقابة أيضاً صار سمة أساسية في الليبرالية الخليجية الجديدة، فليس مهماً بالنسبة لأرباب الأسر متابعة ما يتابعه أبناؤهم في هواتفهم الذكية، أو ما يطرحونه في شبكات التواصل الاجتماعي تماماً، بل قد يجد الأبناء التشجيع الدائم دون تقييم حقيقي أو منطقي لما يقدمه الأبناء من محتوى أو ما يتفاعلون معه. وتنطبق سمة غياب الرقابة على الحكومات التي لن تستطيع السيطرة أو ضبط أو الرقابة أو منع الأفراد من الوصول إلى المعلومة أو التفاعل مع أي قضية.

من سمات الليبرالية الخليجية الجديدة السرعة التي أتيحت للأفراد في التعبير عن آرائهم أو تنظيم مواقفهم، وهي سرعة تفوق قدرات المؤسسات الحكومية بمراحل. وأخيراً سمة ضياع القدوة، فرغم ما تتيحه شبكات التواصل الاجتماعي من ظهور شخصيات مختلفة، إلا أن الأفراد يعانون دائماً من عدم الاستقرار في اختيار قدواتهم.