هل ستعود الحياة إلى طبيعتها قريباً؟ لقد لاح في الأفق الأمل نتيجة السباق المحموم لاكتشاف علاج لوباء فيروس كورونا، خصوصاً بعد التقارير الصادرة من إكسفورد وروسيا وغيرها من البلدان عن اقتراب طرح لقاح لهذا المرض، وفي ظل هذا الأمل الذي يلوح في الأفق تطالعنا الصحف بإعادة إغلاق أماكن للمرة الثانية بعد تفشي المرض بها ليدب الخوف في القلوب مرة أخرى.

تؤكد التقارير المتعددة أن (كوفيد 19) باقٍ بيننا لفترة، وأن آثاره تتطلب جهداً كبيراً للتغلب عليها، وتشير النشرات المكثفة لمنظمة الصحة العالمية إلى المشاكل النفسية المصاحبة لهذا الوباء، وكيفية مجابهتها، وكذلك الندوات الصادرة من العاملين في مجال الصحة النفسية تتحدث عن استثمار المشاعر الأسرية الإيجابية، واللجوء إلى الشعائر الدينية لتخفف الآثار النفسية التي يعاني منها البعض في ظل تفشي هذا الوباء.

إن ضحايا فيروس كورونا كما تفضل أن تسميهم منظمة الصحة العالمية ليسوا المصابين بالمرض فقط، بل تشمل جميع من أثر فيهم الوباء. فلم يعد مكان على وجه الأرض لم يطله هذا الوباء، ويعد العاملين في المجال الطبي الأكثر ضرراً نفسياً بعد المصابين بالفيروس، حتى أنها أصدرت لهم تعليمات لكيفية مواجهة الحياة، مشيرة إلى أن الأسرة لم تعد هي الداعم لهم في كثير من الأحيان وسط الرعب من الإصابة بالعدوى، فقد وجهت لهم الإرشادات باللجوء لزملاء العمل باعتبارهم الداعم الأول، بأن يتشاركوا التجارب السلبية والإيجابية حتى لا يشعروا بالوحدة ويتسلل إليهم اليأس وحتى لا يتأثر جنود الصف الأول نفسياً في مجابهة الجائحة.

وتأتي مبادرة صاحب السمو الملكي رئيس الوزراء الموقر لتثبت أن البحرين رائدة بإطلاق جائزة سموه لتكريم الأطباء البحرينيين المتميزين في البحث العلاجي والطبي، كباعث أمل وتسليط الضوء على المجهود الذي يبذلونه ورسالة لهم بأن الجميع يشعر بهم وعلى رأسهم الدولة والقيادة الرشيدة.

إن الآثار النفسية لها عدة أسباب، وليس الخوف من الوباء فقط بل تعد المشاكل الاقتصادية والآثار المترتبة عليها أحد عوامل الخوف الرئيسية. فيعد الاقتصاد القوة الفاعلة في مجابهة المرض وآثاره، ولم تقصر البحرين في الحزمة الاقتصادية من المساعدات التي أطلقتها وصاحبت الإغلاق الجزئي والإعفاء من الرسوم مما ساهم في تخفيض المعاناة عن كاهل التجار وأصحاب الدخل الضعيف والمتوسط.

ولكن الدولة تحمل على عاتقها الكثير وتحتاج إلى تكاتف الجميع، وقد قامت حملة فينا خير بالمساهمة في دعم العديد من الأسر المتضررة، وأظهرت مدى ترابط الشعب البحريني في التخفيف من الآثار المترتبة عن هذه الجائحة، ولماذا لا نكرر التجربة لأن الحرب على الوباء لم تنتهِ وتحتاج لتكاتف الجميع.