الليبرالية الخليجية صارت مسألة حتمية، ولا يمكن وقفها أبداً، لكن يمكن التحكم فيها، أو العمل على إدارتها بما يتوافق مع مصالح الدولة، لأن مخاطرها الإستراتيجية إمكانية التنظيم السياسي لهذه الموجة والعمل ضد الدولة.

الموجة المقبلة من الليبرالية الخليجية بالتأكيد مختلفة تماماً عن نظيرتها التي شهدناها في الخمسينات إلى سبعينات القرن الماضي، فهي امتداد لظاهرة عالمية تتجاوز إمكانيات الدول وقدرات مؤسساتها، وحتى حدود فهم الأسر الخليجية. هي ظاهرة سياسية مجتمعية تشكل الأفراد ولا تتأثر بهم، ومن الممكن ألا يشعروا بها كما كانوا يشعرون عندما تعاقبت الجماعات السياسية الأيديولوجية على مجتمعاتنا خلال العقود الماضية.

الليبرالية الخليجية الجديدة ظاهرة جماهيرية، وليست نخبوية، لذلك فإن الترويج على أن التيارات والجماعات الليبرالية تقف وراءها توصيف غير دقيق، لأن الظاهرة أكبر من هذه الجماعات التي انتهت تاريخياً.

من المقبول أن تشهد المجتمعات الخليجية قدراً نسبياً من الانفتاح والتفاعل مع المجتمعات الأخرى، لكن من غير المقبول أن تتخلى عن ثقافتها الأساسية، وهويتها الوطنية، وأن تتراجع قيمها وثوابتها لتستبدل بقيم وأعراف أخرى.

تبقى المخاطر الإستراتيجية في الليبرالية الخليجية الجديدة في احتمالات تنظيم هذه الموجة من قبل بعض الشباب سواءً بشكل ذاتي أو بدعم خارجي، لتتحول الموجة إلى عمل سياسي ممنهج، ومن الممكن أن يتبنى أجندات ضد الدولة ليحاول تغيير جوانب متعددة منها بحكم ثقافته الجديدة التي تشكلت طوال عقدين من الزمن.

إن معركة الليبرالية الخليجية الجديدة ليست ضد الثيوقراطية التقليدية، بل تتمثل في كيفية الاستفادة من هذه الموجة للنهوض بمجتمعات الخليج تنموياً بعد أن شكلت أيديولوجيات محددة عوائق عدة أمام عمليات التنمية تحت مبررات غير منطقية. وإذا تم الاستفادة من الموجات الفكرية التي تعاقبت على الخليج العربي خلال السبعين عاماً الماضية لتحقيق بعض الأهداف السياسية، فإن الوقت قد حان للاستفادة من هذه الموجة في تحقيق أهداف تنموية قد تساهم في نقل دول المنطقة إلى مرحلة أكثر استقراراً وازدهاراً.