استعرضنا في الجزء الأول الاستعدادات قبل الزواج قديماً في البحرين، وهنا يكمل الباحث إبراهيم سند حديثه عن ليلة الزواج:

الدزة

بعد الاتفاق على المهر يأتي دور تقديم الدزة وهي بمثابة هدية يقدمها العريس للعروس وتسمى «الجهاز» أي الأدوات التي تتجهز بها العروس للزواج، ويقوم أهل العريس من النسوة بنقل الدزة والذهاب بها إلى بيت العروس، والدزة عبارة عن صرتين ملفوفتين بداخلهما أدوات العرس من قطع الخام بألوانه المختلفة في الأشكال والأحجام وخيوط الزري والعباءات، إضافة إلى بعض الأصناف من العطور كدهن العود والصندل والبخور وماء الورد والزعفران.



ويتحرك موكب الدزة عادة في الليل بعد صلاة المغرب، وحالما يصل الموكب إلى بيت العروس يتم شرب القهوة، وبعدها تأخذ الأم أو العمة أو الجدة من قبل أهل العريس بفتح الدزة ونشرها أمام أهل العروس، وتسمى كل قطعة باسمها، فذلك من باب الكرم والتعبير عن الاحتفاء بهـذا الشرف الكبير في عقد هذه الزيجة، وتسـأل المرأة التي قامت بعرض الدزة إن كانت هناك أشياء ناقصة معبرة عـن ذلك عـلى النحو الآتي:

- جان قاصر عليكم قولوا

فترد عـليها أم العروس:

- نعم الله عليكم زواج بالمبارك والمطمع فيكم

وبطبيعة الحال دائمًا يأتي الرد بالموافقة عـلى محتويات الدزة ولو كانت الأشياء الموجودة أقل مما هو متعارف عليه. وبعد أن ينفضّ المجلس تأخذ أم العروس الدزة وتعرضها على الأهل والأقرباء وتصف لهم كل الموجودات، وهذه عادة قديمة متعارف عليها من قبل عامة الناس، ويجتمع بعد ذلك أهل العروس ويقومون بتوزيع قطع الخام فيما بينهم لخياطتها وتفصيلها بطرق مختلفة استعداداً لليلة الزفاف، ومن جانب آخر تقوم العائلتان بشراء وتحضير كل ما لزم من البخور والعطور وماء الورد والزعفران والقهوة والشاي والسكر، وبذلك تكون كل الأشياء جاهزة في انتظار الليلة الموعودة.

الفَرْشة

نادوا الفرَّاشة

تقال هذه الكلمة بعد الانتهاء من تحديد موعد ليلة الزواج وتحضير كل لوازم الحفل، والفرشة هي الحجرة المعدة للزواج، أما كلمة «الفرَّاشة» فتطلق على إحدى النسوة المتخصصات في إعداد الفرشة وتزيينها، وأحياناً يقوم بهذه المهمة أحد الرجال ويسمى «المفرِّش» ويقوم بنفس المهمة في تزيين غرفة الزواج بالمرايا وقطع الخام الملون والمزركش، وتعد الفرشة في بيت العروس حيث من المقرر أن يقضي الزوجان مدة أسبوع أو 8 أيام قبل الانتقال إلى بيت الزوجية، وكانت جميع أدوات الزينة المستخدمة في الفرشة تؤخذ عـن طريق الاستعارة من بيوت الأقرباء والجيران، حيث تستعار أعداد كبيرة من المرايا والمساند والدواشق والسجاد والرمامين وغيرها، ويوضع السرير في نهاية الحجرة حيث يحتل مساحة كبيرة ويغطى بقماش أحمر والمساحة المتبقية تفرش بالمساند والدواشق اسـتعداداً لاستقبال المهنئين.

نادوا الخضابة

الخضابة هي المرأة المتعهدة بوضع نقوش الحناء الخاصة بالعروس في «ليلة الحنة» والتي تعتبر من أشهر ليالي الزواج، ويقام في هذه الليلة احتفال بهيج يدعى إليه النسوة من العائلتين وبعض الأقرباء، وتتحلق المدعوات حول العروس التي تكون مغطاة بملابس خضراء تستر كل ما في جسـمها ماعدا الكفين والقدمين فهما تكونان جاهزتين للصبغ بخضاب الحناء، وتُقرأ في هذه الليلة بعض الأدعية الدينية، بينما تقوم الخضابة بمهمة تزيين وصبغ كفي العروس وقدميها ويصدح المحتفلون بالغناء يصاحبهم في أداء ذلك إحدى الفرق الغنائية الشعبية مرددين كلمات جميلة:

- نادوا الخضّابة نادو الخضّابة

- تجي تخضب العروس.. لي أظلم الليل

وتستمر ليلة الحنّاء في العادة ليلتين، حيث يعاد في الليلة الثانية صبغ اليدين والرجلين مرة أخرى؛ وذلك ليحافظ الحنّاء على ألوانه الغامقة الزاهية.

العروس

تُعهد العروس إلى بعض النسوة المتخصصات حيث يقمن بإدخالها «الحمام»، ويتم تدليك جسمها «بالشنان» وهو نوع من الأعشاب ذو رائحة زكية، ويدهن شعر رأسها بحرص وعناية، وبعد ذلك يتم إدخالها إلى حجرة خاصة أو الفرشة نفسها، وتدخل معها «الخضابة» أو «المشاطة» ولا يُسمع لأحد بالدخول بعد ذلك حيث تقوم «المشاطة» بتصفيف شعر العروس ويصفف على شكل ضفائر «بلابيل» اثنان من الخلف واثنان من الأمام، ويُمسح الشعر بالمسك والزعفران ودهن العود.

وترتدي العروس بعد ذلك ملابس «الدزة»، وتكون عادة من الدراعة ثم تُلف بالدفة «العباءة» بحيث لا يترك مجال للرؤية، وتجلس العروس في فناء الدار «الحوش» ويلتف من حولها بعض النسوة لكي يقرأن بعض الأدعية والأغنيات المعهودة، وتأتي المهنئات من النسوة لكي يباركن لها قائلات:

- الله أكبر حظج ويسعدج ويسخر لج

- مبارك عليج منه المال ومنج العيال

- إن شاء الله ناصيته عليج مباركة

فترد عـليهم العروس:

- رحم الله والديج الفال إن شاء الله لمن تحبين

العريس

يستعد المعرس ليلة الزفاف استعداداً لا يقل عـن العروس، فهو يعمد إلى ارتداء أفضل ما لديه من الملابس المجهزة لهذا الاحتفال كالثوب ومن فوقه البشت ويعتمر الغترة والعقال ويتعطر بالعطور الزكية كدهن العود ودهن الورد وغيرها من العطور التقليدية.

وبعض من فئات المجتمع الخليجي يقومون باصطحاب المعرس إلى إحدى العيون للاغتسال والاستحمام وفي المساء تبدأ مراسم الزواج، فيخرج المعرس من منزله وإلى جانبه والده وأخواله وأعمامه وإخوانه وغيرهم بحسب درجة القربى، إضافة إلى المدعوين من الأصدقاء وأهالي الفريج، ويستأجر فرقة شعبية ويبدأ الموكب في السير مشياً على الأقدام «هذا إذا كان منزل العروس قريباً منهم»، أما إذا بعدت المسافة فيتم استئجار أحد الباصات، وفي أثناء سير الموكب مارّاً بالأحياء والأماكن القريبة المعروفة تتفنن الفرقة في العزف على الدفوف والطبول ويؤدون الفنون الشعبية المعروفة مثل «العاشوري والبستة والخَمَّاري والدزة».

وحينما يصل الموكب إلى بيت العروس تأخذ الفرقة مكانها في حوش المنزل وتواصل الغناء والعزف، أما المعرس فيجلس في مجلسه في حجرة «الفرشة» ويستقبل هناك المهنئين ويكون على يمينه والده وأعمامه وأخواله، ويأتي المهنئون بالأفواج يباركون للعريس وأهله ويرددون بعض الكلمات المتعارف عليها.

العبارات التي تقال للعريس من قبل المهنئين:

- مبروك منك المال ومنها العيال

- مبروك عرس الولد بالمبارك عليج

- الحمد لله.. الله بلغج فيه

- إن شاء الله تبلغين في عياله وذريته