لم يشهد الخليج العربي تعقيداً مثل الذي نشهده الآن، فعلى المستوى الإقليمي هناك تباينات واسعة بين الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي نتيجة اختلاف السياسات وتورط الدوحة في تبني سياسات إرهابية وتدخلات في الشؤون الداخلية بتحالف إيراني ـ تركي، وهناك أيضاً حروب إقليمية في العراق واليمن لمواجهة امتدادات الجماعات الإرهابية، وإيران تواجه فوضى داخلية، وظروفاً اقتصادية صعبة مع فرض عقوبات دولية عليها تهدد الدولة بالانهيار، وأخيراً هناك تحول تاريخي آخر مازلنا في بدايته، وهو صراع بين النفوذ الأمريكي والصيني في مياه الخليج العربي، مع توقعات بزيادة الانقسامات بين دول المنطقة أكثر من ذي قبل خلال الفترة المقبلة.

كل هذه التحولات والتطورات تتزامن مع ما تعيشه دول الخليج منذ عام 2013 عندما اتخذت قرارها التاريخي بإنهاء الدولة الخليجية الريعية، والانتقال إلى مرحلة ما بعد الدولة الريعية، وضربت اقتصادات الخليج موجتان أساسيتان، وهما التراجع الحاد في أسعار النفط، وأخيراً انتشار جائحة فيروس كورونا في المنطقة والعالم.

هذا هو مشهد الخليج العربي اليوم، ولا يمكن فهم تفاعلاته، أو تحليل ظواهره بمعزل عن هذه القراءة الأوسع التي تتطلب فهماً مختلفاً لما يمكن أن يكون عليه مستقبل المنطقة، ومستقبل الدولة الخليجية بعد كوفيد 19 وهي تعيش مخاضها للانتقال إلى مرحلة ما بعد الدولة الريعية.

إذن هي مرحلة تحول ضخمة ستكون لها إيجابياتها وسلبياتها، وفرصها وتحدياتها، لكن علينا فهم كل هذه التحولات أكثر فأكثر. ويمكننا مناقشة مجموعة من الأبعاد الهامة، تشمل:

أولاً: الانكماش أو التمدد في العلاقات الدولية.

ثانياً: الصراع بين السياسي والاقتصادي.

ثالثاً: ثقافة المجتمعات الخليجية ما بعد (كوفيد 19).

رابعاً: فرص وتحديات التحالفات المستقبلية.

خامساً: فرص ومحركات التغيير الخليجي.

تلك مجرد أبعاد خمسة يمكن إضافة أبعاد أخرى إليها لطرحها ومناقشتها خلال الفترة المقبلة، لأننا مازلنا بحاجة إلى نقاشات أوسع مع استمرار الجائحة وتداعياتها لفترة أطول. فالتركيز على إدارة التعامل مع الجائحة، يتطلب أيضاً التركيز كذلك على ما يمكن أن ينتج عنها مستقبلاً.