لا يدرك قيمة التباعد الاجتماعي وأهمية الأخذ بالنصح وتطبيق التوعية والوقاية من فيروس كورونا (كوفيد19) إلا من كان سبباً في إصابة أقرب الناس إليه بالمرض أثناء مخالطته لهم وهو حامل له، ولا يعي بقيمة الجهود التي تقوم به الدولة للحد من انتشار الفيروس إلا من تسبب في وفاة أحدهم، فالبعض لا يدرك ذلك إلا بعد فوات الأوان حينها لا ينفع الأسف أو الندم.

في ظل جائحة فيروس كورونا يتجرع المرء مرارة الحدين، بين حد التباعد والنجاة، أو حد التقارب والهلاك، وكلا الحدين يعبران عن اللهفة والاشتياق، وحداً واحداً فقط يشق نحو السلامة، وعلى المرء أن يختار بين الحدين، وعندما يختار عليه ألا يندم أو يأسف على قرار لم يحكم به عقله، فالبالغون تحكّمهم عقولهم وهم مسؤولون عن قراراتهم ومن ثم سلوكهم منها عدم تعريض الآخرين للخطر.

العيد على الأبواب وأفضل هدية يمكن أن تقدم لأقرب الناس وخصوصاً لكبار السن هو التباعد الاجتماعي والالتزام بأخذ الإجراءات الاحترازية ولبس الكمامات، فالحفاظ على سلامة من نحب هو العيد وهو الفرح والسعادة التي يمكن أن تهدى في وقت لا يمكن تداركه مع انتشار واسع للجائحة التي سلبت السعادة من أسر كثيرة وخلفت الدموع والحسرة والقهر وتثاقلت حتى في لحظة الوداع وكأن من تركهم لا يساوي حفنة تراب، رحلوا مثلما يرحل الغرباء.

على المجتمع أن يتعامل مع توجيهات الجهات المسؤولة بمسؤولية تامة ووعي قبل فوات الأوان وعليه ألا يتعب أو يتذمر وألا يحذو بمنهج تلك الحمقاء التي نقضت غزلها بعد أن أتقنته فتلك مصيبة لا تليق بنا، ونحن الشعب الواعي الملتزم والمدرك بأهمية الانضباط والتمسك بطريق النجاة حتى وإن طالت المسافة إلى بر الأمان فالأمر بالتأكيد خارج عن سيطرة البشر ولا يمكن التنبؤ متى نستعيد حياتنا كاملة خالية من المرض، ومادامت هي شائكة، علينا أن نتباعد بمسؤولية ونخاف على من نحب بمسؤولية أيضاً، وأن يتملكنا اليقين بأن الغمة ستزول بإذن الله، عندها نسعد بالتجمع مع أحبائنا ونتقرب إليهم بلا خوف أو فقد، ويكون العيد عيدين، عيد يجمعنا مع من نحب، وعيد القضاء على الفيروس.