في سنوات لم تبتعد عنا كثيراً كان يكفي أن تكون المعلومات مطبوعة بدل خط اليد لتكون أكثر مصداقية، ولا يزال التضليل مستمراً في عالم وسائل التواصل الاجتماعي خصوصاً «تويتر»، فالثالوث المقدس هو كثرة المتابعين أو حرف الدال أو فضائحية المحتوى. فنحن في عصر دكاكين بيع المتابعين، وحرف الدال، كما أصبح الخيال الفضائحي أكثر خصوبة في عصر «نيتفلكس» عابراً كل خطوط الحشمة الإنسانية.

المقلق في الأمر أن ضحالة فكر من يقود الآلاف من المتابعين قد يكون لها تبعات سياسية مكلفة، فعادة ما يكون سلاحه السخرية، وليست المشكلة في السخرية، فالهزل نقيصة وقبح بغير إيلام ولا ضرر، لكن المشكلة هي في من شحنه بالمعلومة الأولى والبذرة التي بنى عليها جدليته التويترية الساخرة.

وسنعطي مثالاً قريباً على ذلك، بمن قام بمهاجمة تحويل آيا صوفيا من متحف إلى مسجد، قد اتخذ موقفاً يصعب الدفاع عنه، من مسلمين يفرحون بعزة الإسلام على الفطرة ولا أيديولوجية بالضرورة توجههم. ثم جاء «حمل الإمام السيف على المنبر» لإظهار سيادة الإسلام بالأمصار التي فتحها المسلمون. والآن ظهرت قضية إبقاء مكان «تتويج الأباطرة» فارغاً بدون سجاد، مراعاة لخصوصيته التاريخية. لقد غاب عن عبدة المتابعين Followers أن عودة آيا صوفيا كمسجد قصد منها حالة خلق اصطفافات خلف القائمين على التحويل من قبل المسلمين الفرحين بعزة الإسلام، ثم ضمنوها لتشتيت الانتباه قضيتي السيف ومكان تتويج الأباطرة فتلقف الأمر بتلقائية مغرد سمين بالمتابعين وأجوف بالفكر ليس ملغياً قيد التحقق والفحص فحسب بل غير متوخي الحذر من التضليل فابتلعها وروجها بجهل.

فنحن العرب نفرح بما يعز الإسلام والمسلمين، لكن من دول الانقياد خلف مغرد جاهل لجدلية: هل أنت مع مسجد أو مع متحف؟ أو هل شاهدت كيف روجوا أن الإسلام دين السيف أو هل لاحظت كيف احترم بقعة تتويج الأباطرة! كل ذلك انقياد غير واعٍ.

* بالعجمي الفصيح:

لا نعيب في إجراء لعزة الإسلام والمسلمين، بل نقف في وجه من تجاوزت أن هوايته بسط سجادات الصلاة في كل أطراف الأرض خدمة للإسلام والمسلمين، إلى بناء القواعد العسكرية في الأرض العربية.

* كاتب وأكاديمي كويتي