في العام 2001 عندما أعلن الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن عن تبنيه مشروع الشرق الأوسط الجديد، فجأة تحول اهتمام دول الخليج بالإصلاحات السياسية تحديداً قبل كل شيء وكان التركيز على كيفية إحداث انفتاح سياسي، وبناء أنظمة ديمقراطية أكثر تشمل حريات وحقوق أكبر من خلال منظومة تراعي خصوصية كل دولة وطبيعة تركيبتها.

كان ذلك الزخم في نهاية العام 2001 واستمر بعدها بسنوات عندما جاء الرئيس باراك أوباما إلى البيت الأبيض وواصل النهج نفسه، فاستمر تفاعل الدول الخليجية حول هذه الأجندات.

لكن عندما اندلعت أحداث ما يسمى بالربيع العربي صارت هناك قطيعة حقيقية بين كل ما هو سياسي مع الدولة من جهة، ومع الشعب والمجتمع من جهة أخرى. ومنذ ذلك الحين ـ أي منذ 2011 ـ وإلى اليوم مازالت هذه القطيعة قائمة، وسبب ذلك أنها عكست كفراً حقيقياً لكل ما هو سياسي، فالمنخرطون في السياسة ابتعدوا بأن شاهدوا تداعيات ما قاموا به، وأجيال الشباب ابتعدت لأنها دخلت حالة من الإحباط السياسي العميق، أما الأجيال الأصغر سناً، وتحديداً تلك الأجيال الخليجية التي ظهرت بعد العام 2011، وأعمارها اليوم لا تقل عن 9 سنوات، فإن لها اهتمامات أخرى مع ثقافة ليبرالية آخذة بالتجذر لديها.

باختصار انتهى الشغف بالسياسة، وبدأ اهتمام بمجال آخر، وهو المجال الاقتصادي الذي قد يدر للفرد الخليجي، وللأسرة الخليجية، وللمجتمع الخليجي، وللدولة الخليجي المزيد من العوائد، فصار هناك اهتماماً كبيراً بالمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وكيفية توفير فرص عمل للمواطنين، وزيادة قطاع ريادة الأعمال. تحققت نجاحات بالفعل على أرض الواقع، لكنها صدمت فجأة بتراجع رهيب لأسعار النفط، وصدمت سريعاً بانتشار جائحة فيروس كورونا التي أعادت العجلة إلى الوراء من جديد.

إن استمرار الجائحة اليوم، وظهور تداعياتها الاقتصادية، يثير من جديد الحيرة الخليجية التي ظهرت بشكل واضح في الألفية الجديدة، فهي حيرة بين السياسة والاقتصاد، وأيهما يجب التركيز عليه خلال الفترة المقبلة. هذه الحيرة غير محسومة، ولن تحسم إلا إذا حسمتها الحكومات الخليجية قبل أي طرف آخر.