إن الأسرة هي اللبنة الأولى في بناء المجتمع، ومكانة الأسرة في حياة المجتمعات العربية، تستمد مرجعيتها من ديننا الحنيف الذي حثنا على الترابط الأسري بالإضافة إلى الموروث العربي الذي توارثناه عبر الأجيال بأن سعادة الأسرة تزداد بترابطها وتواصلها، فها هي الدراسات أثبتت رغم العولمة والمد الغربي لمجتمعنا أن الترابط الأسري العربي يشكل أعلى معدلات ترابط للأسرة في العالم بنسبة تزيد عن 30٪ عن الأسرة الغربية ومنها دراسة للدكتور عاصم عبدالمجيد أستاذ علم الاجتماع بجامعة القاهرة.

ولكن يجب أن نحذر في ظل جائحة فيروس كورونا (كوفيد19) ألا يكون «ما يميزنا هو ما يضرنا» فعلى الرغم من جهود الدولة الوقائية والتدابير الاحترازية للحد من انتشار فيروس كورونا المستجد (كوفيد 19)، ومنها التباعد الاجتماعي الوقائي، - فإن هذا الترابط والتواصل أثر على نسبة الإصابات، فها هي الأخبار تتوالى علينا بزيادة الإصابات نتيجة الاختلاط سواء في مناسبات الفرح أوالعزاء وأنها كانت سبباً في انتشار العدوى بين أفراد العائلة الكبيرة والمعارف.

ومن الواضح أن التواصل عن طريق مكالمات الفيديو لا يملأ العاطفة بالشكل الكافي للعديد من أفراد المجتمع، خصوصاً أن البعض ليس لديه الاستيعاب الكافي لفكرة التواصل عن طريق شاشة النقال أو جهاز الحاسوب.

وتأتي المفارقة هنا حيث دائماً ما نوصي الصغار باتباع نصائح كبار السن والمضي على خطاهم إلا أن الآية هنا معكوسة، فالعبء يقع على عاتق شبابنا أن يحاولوا استيعاب الآباء والأجداد ممن لا يستطيعون استيعاب فكرة التواصل عن بُعد، فيجب أن يستخدموا مخيلتهم في تبسيط الفكرة، ويفضل أن تكون شاشة الحاسوب هي الفاعل الأول في بدء عملية التواصل عن بُعد لكبرها حتى يتم استيعاب الفكرة والتعود عليها.

صحيح أن الإجراءات الاحترازية ستبدأ في تخفيف حدتها ولكننا لم نتخلص بعد من فكرة الإصابة نتيجة الاختلاط، وما بين الرغبة في مواصلة الحياة وإنقاذ ما يمكن إنقاذه من اقتصاد عانى من آثار الجائحة، إلا أننا لا يجب أن نتخلى عن حذرنا وأن نجد الوسيلة المثلى للتعايش مع هذا الوباء.

صحيح أن الأمر صعب لأننا شعوب عاطفية ومترابطة، ولكنها الضرورة الحتمية التي لابد منها في ظل الظروف الراهنة، فيجب أن نعتاد على العادات المستحدثة نتيجة لانتشار الفيروس الذي تخطى الملايين في أنحاء العالم.

إن الأسرة كانت وما زالت متماسكة رغم الظروف الاقتصادية وقسوة الحياة العملية، وهي اللبنة الأولى التي تحافظ على تماسك المجتمع البحريني والمجتمع العربي كافة، وستصمد وتتكيف مع الوافد الكريه الذي خطف من بيننا بعض الأصدقاء والأقارب.