أكد سفير مملكة البحرين لدى الولايات المتحدة الأمريكية الشيخ عبدالله بن راشد آل خليفة، أن لدى البحرين قناعة بأنها ما تزال مستهدفة من إيران وأذرعها الإرهابية الأخرى التي ما تزال تسعى إلى استغلال انفتاحها لأغراض خبيثة، حيث تعمل البحرين على مضاعفة الإجراءات التي تمنع مثل هذا الاستغلال، وفي الوقت نفسه تسهيل عمليات الاستثمار.

وأضاف في مقال، نشرته صحيفة "يو أس نيوز" الأمريكية تحت عنوان "تجربة البحرين المصرفية لمكافحة الإرهاب"، أن البحرين تعتبر محاربة تمويل إيران للإرهاب ليس مجرد معركة في الظل، إنما حملة مستمرة من أجل الشفافية والاستقرار العالمي.

وأشار الشيخ عبدالله بن راشد خلال المقال، إلى جهود البنوك في البحرين لمواجهة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب، وهو ما يعد جزءًا من حملة مستمرة من أجل الشفافية.



ولفت إلى وصف حكومة الولايات المتحدة الأمريكية إيران بأنها الدولة الرائدة في رعاية الإرهاب بالعالم، ويمارس نظامها سيطرة مباشرة وغير مباشرة على معظم المؤسسات المالية والتجارية في البلاد لتدريب وتمويل وتجهيز شبكة عالمية من العملاء في الشرق الأوسط، وجنوب آسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية.

وأوضح أنه منذ الثورة الإسلامية في إيران عام 1979 لا تزال البحرين هدفاً للتوسع والهيمنة الإيرانية، والأكثر خطورة، أن النظام الإيراني استخدم باستمرار كافة أدواته لزعزعة استقرار البحرين، لما تشكله من ركيزة بالغة الأهمية في البنية الأمنية في الشرق الأوسط.

وبالشراكة مع الولايات المتحدة كحليف حازم، أحبطت البحرين مؤخراً شبكة إيرانية عالمية لغسل الأموال، حيث كانت البحرين تستضيف بشكل دائم مجموعة متنوعة من المؤسسات المالية المستقلة، منها بنك المستقبل الذي أنشئ عام 2004 من قبل بنكين إيرانيين مملوكين للحكومة الإيرانية "بنك ملي وبنك صادرات" وبنك بحريني محلي "البنك الأهلي المتحد". وبحلول عام 2008، صنفت وزارة الخزانة الأمريكية، بنك المستقبل باعتباره خاضعاً لسيطرة كيان مرتبط بأنشطة إيران في مجال نشر أسلحة الدمار الشامل.

وأضاف: "ومن هنا قام مصرف البحرين المركزي بوضع البنك تحت إدارته بعد تحقيق خاص في أنشطته ومنحه الوقت المطلوب لتفقد حسابات البنك. وبعد تدقيق شامل، وجد المصرف المركزي أن بنك المستقبل متورط في انتهاكات منهجية عديدة للقوانين واللوائح المصرفية في البحرين، حيث كانت هناك أنشطة مالية واسعة النطاق تنتهك قوانين مكافحة غسل الأموال وقرارات العقوبات في عديد من البلدان، بما فيها البحرين".

وأكد أن البنك يعد نموذجاً للطرق الاحتيالية الإيرانية وكيفية عمل الراعي الأول للإرهاب الدولي في العالم، إذ كشفت تحقيقات البحرين عن أن بنك المستقبل أخفى مدفوعات من ضمن الأساليب المعتمدة للتدقيق التنظيمي من خلال ممارسة غير مشروعة، يشار إليها باسم "Wire Stripping" وهو ما يتم من خلال تزوير أو إزالة معلومات عند تحويل الأموال عبر "شبكة سويفت" بهدف التغطية على تورط أطراف ومصارف إيرانية محددة في عمليات الدفع الأساسية، وغالبًا ما يؤدي إخفاء هذه المعلومات إلى انتهاك البنوك في دول أخرى لالتزاماتها التنظيمية.

وقال: "في بعض الحالات، حث بنك المستقبل البنوك الأجنبية الأخرى على الانخراط في هذه الممارسة غير المشروعة. وإجمالاً، قام بنك المستقبل بما لا يقل عن 5051 عملية دفع بقيمة إجمالية تزيد عن 5 مليارات دولار.

علاوة على ذلك، أخفى البنك في الفترة من 2008 إلى 2012، بعض التحويلات المالية من خلال الاستخدام غير المشروع لنظام المراسلة "AMS". ودون استثناء، قام كل من الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة والولايات المتحدة بفرض عقوبات على المؤسسات المالية الإيرانية التي ذكرت في سجلات المراسلة لبنك المستقبل، وتم إرسال أكثر من 1000 رسالة عبر النظام من أجل إخفاء المدفوعات التي تبلغ 5 مليارات دولار إضافية.

وبين عام 2004 و 2015، عمل بنك المستقبل بنشاط مع عملائه لتقويض العقوبات المفروضة. فعلى سبيل المثال، تآمر البنك مع خطوط الشحن الإيرانية لاستمرار عمليات بعض السفن الخاضعة للعقوبات، وهي أنشطة يحظرها على وجه التحديد مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.

وتعامل بنك المستقبل أيضاً مع عديد من الكيانات وقام بمعاملات تخص الحرس الثوري الإيراني وهو كيان آخر خاضع للعقوبات. وموّل البنك عناصر عسكرية خاضعة للرقابة، وكذلك وجه الأموال من خلال عمليات مالية مشبوهة على شكل قروض وأدوات قابلة للتداول وعملات أجنبية.

وفي 19 يونيو الماضي، حكمت المحكمة الجنائية الكبرى في البحرين على 3 مسؤولين في بنك المستقبل بالسجن 5 سنوات وفرضت غرامات بقيمة 9 ملايين دولار في تهم تتعلق بغسل الأموال وتمويل الإرهاب وانتهاك اللوائح المصرفية. وفي 16 يوليو، تم فرض غرامات إضافية بقيمة 37 مليون دولار على بنك المستقبل و3 بنوك أخرى.

وأكد أن البحرين تعتبر إحدى أقدم وأعرق العواصم المالية في الشرق الأوسط، فهي موطن لما يقارب 400 مؤسسة مالية، بما في ذلك أكثر من 114 مصرفاً مرخصاً. وبلغ إجمالي الأصول المصرفية 201 مليار دولار في عام 2019، وتمثل الخدمات المالية 16.5% من الناتج المحلي الإجمالي.

وبدأ مصرف البحرين المركزي منذ فترة تنظيم أعمال التمويل الجماعي الإسلامي والتقليدي بشكل رسمي من ضمن جهود جعل البحرين مركزًا إقليميًا للتكنولوجيا المالية الإسلامية .

وأضاف، أنه بصرف النظر عن وجوب الامتثال للقواعد الحالية المتعلقة بأمور عديدة في مقدمتها مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب وحماية المستهلك، بموجب قواعد التمويل الجماعي الجديدة، يجب على أي شركة تعمل في منصة تمويل رقمية أن تكون مرخصة من البحرين، ولديها الحد الأدنى من متطلبات رأس المال، وهو ما يزيد قليلاً عن 130000 دولار، بالإضافة إلى ذلك، أعلنت مؤسسة التنظيم العقاري مؤخراً، عن إجراءات لتعقب غسل الأموال وتمويل الإرهاب في قطاع العقارات.