هنا شيء من الحديث عن الذات لكن ليس بقصد التفاخر، وإنما بغية توصيل رسائل من المهم أن تصل إلى من يمكن اعتبارهم معنيين بها، مسؤولين وموظفين.

عندما كنت أشغل في بداية الألفية الثالثة وظيفة رئيس العلاقات العامة بوزارة التربية والتعليم، وتحديدا أيام الوزير المهندس الدكتور محمد بن جاسم الغتم «شافاه الله» لفتني شاب بحريني كان يعمل في وظيفة مراسل «فراش» فاستدعيته إلى مكتبي وسألته إن كان يرغب في أن يقضي بقية حياته في هذه الوظيفة ويكتفي براتبها؟ فاجأه السؤال وشرح لي ظروفه التي ملخصها أنه اضطر إلى الخروج من المدرسة، ولم يتمكن من الحصول على أكثر من الشهادة الإعدادية. ثم سألته عما إذا كان يعتقد أنه قادر على تطوير نفسه وقدراته فصمت، ثم بعد مناقشة وتشجيع أجاب بنعم، ودخله الحماس.

سعيت إلى ضمه إلى مجموعة موظفي القسم الذين كنت قد رتبت لهم دورة تدريبية مكثفة في الكمبيوتر بإدارة التدريب بالوزارة بغية إنهاء فترة كتابة التقارير والموضوعات الصحفية باليد، لكن الأنظمة لم تكن تسمح بذلك بسبب درجته الوظيفية، فتحدثت إلى بعض التربويين في مركز مصادر التعلم للمعلمين فقرروا مساندة الفكرة والمشاركة في إنجاحها فأدخلوه في دورة تدريبية لشهرين أو أكثر، تخرج منها قادرا على استخدام الكمبيوتر، ثم بعد فترة صار البعض الذي وجد نفسه دون القدرة على استيعاب فكرة أهمية تطوير العمل يلجأ إليه لطباعة تقاريره وموضوعاته، شيمة أحيانا وجيمة أحيانا أخرى!

لا أعرف ما إذا كان ذلك الشاب الذي اكتشف نفسه وصار يمتلك أداة من أدوات العصر قد واصل التعلم وطور مهاراته وتمكن من تغيير حياته أم لا، ذلك أنني لم ألتقه بعد مغادرتي الوزارة، ولكني لا أترك مناسبة إلا أعبر من خلالها عن أهمية أن يعمد المسؤول في كل مكان إلى اكتشاف قدرات موظفيه والسعي لتوفير الظروف التي تتيح لهم الارتقاء في الوظيفة وفي الحياة.