سماهر سيف اليزل


إدمان الأطفال للألعاب الإلكترونية عبر استخدام "الموبايل" و "التابلت" وغيرها من الأجهزة تحول الآن إلى مشكلة كبيرة داخل كل أسرة، أحيانًا يلجأ الآباء والأمهات إلى إعطاء الطفل الموبايل أو التابلت لإلهائه باللعب لفترات طويلة حتى ينتهي الأب والأم من مهام المنزل أو العمل، وللأسف ينعكس ذلك على الطفل في شكل إصابته بالتوتر والقلق الدائم وصعوبات النوم والاستذكار، بالإضافة للتشتت والعنف والاكتئاب، وقد يتعرض الطفل للسمنة المفرطة وآلام الرقبة والظهر والانطواء والبعد عن التواصل الاجتماعي مع الآخرين.

وتقول أخصائية التربية عائشة آدم إن الأسباب التي تدفع الطفل للوصول إلى مرحلة الإدمان في استخدام أجهزة الجوال هي عدم وجود متابعة كافية من الأهل حيث يُترك الطفل لفتراتٍ طويلة دون توجيه أو متابعة، وبالتالي يُصبح هناك حالة من التوحد ما بين الطفل والموبايل وتكون النتيجة سوء في تربية الطفل من قِبل الوالدين؛ وذلك بسبب انشغالهم عن الأبناء وشعور الطفل بأن الموبايل هو عالمه الوحيد".

وتضيف "يتساهل بعض أولياء الأمور في ترك وسائل التكنولوجيا في أيدي أبنائهم، فيما يحرص آخرون على تقنين استخدامها، واقتصار ذلك على الدراسة عن بُعد، وإنجاز بعض المشاريع، وتخصيص وقت للعب والحركة، ولكن لا يقوم الجميع بموازنة صحية وصحيحة حتى نتجنب آثار الاستعمال المفرط للهاتف، وهذه الوسائل التي تفقد الأطفال متعتهم بالحياة الطبيعية، وخاصة في ظل إجراءات البقاء في المنزل لتجنب الإصابة بفيروس كورونا.


وأوضحت عائشة أن الحل في الموازنة وهناك الكثير من الوقت لتدارك الموقف والحد من الاستعمال المفرط للهاتف النقال، داعية إلى ضرورة التحلي بالصبر والحزم في الوقت نفسه، مشيرة إلى أن استعمال الهاتف من طرف صغار السن ليس ضرورياً، ولكن نظراً لظروف الدراسة عن بُعد، فإن الطفل يمكنه استعمال الهاتف، أو الأيباد خلال ساعات الدراسة عن بُعد، أو لإنجاز بعض المتطلبات الدراسية، أو للترفيه في فترات معينة ومحددة.

ورأت أنه من الضروري أن يعي الآباء أضرار الاستعمال المفرط لهذه الوسائل، لافتة إلى أن على الآباء القيام بموازنة بين استعمال الهاتف أو «الأيباد»، وبين الأعمال اليدوية الحركية والإبداعية التي تحفز العقل، وتحافظ على السلامة النفسية والعقلية والجسدية كذلك، بحيث يتم استعماله مثلاً في تسجيل مقاطع فيديو عن الصدقة، أو مقطع فيديو يظهر الطفل فيه مهاراته التمثيلية، أو تسجيل مقطع فيديو أثناء طهي الطعام، كما أن هناك مواقع لتعليم الرسم والتلوين ومختلف المهارات اليدوية، بحيث تصبح هذه الوسائل تعليمية، وحينها نمزج بين المشاهدة والعمل اليدوي.

وأكدت أهمية متابعة الأهل لأبنائهم، عبر العديد من البرامج التي تمنع استعمال بعض المواقع، وتقنن استعمال الطفل للشبكة العنكبوتية، حيث تنفصل عن جهازه تلقائياً، مشيرة أن بقاء الآباء في البيت يعد فرصة لمتابعة الأبناء وتقنين ممارستهم لهذه الوسائل ومساعدتهم على اكتشاف مواهبهم، والتنويع بين الترفيه والعلم والمعرفة باستعمال الوسائل الحديثة، ولكن من دون إفراط.

بدورها ترى لمياء علي إنه نظراً لصعوبة بداية العمل وجدت في استعمال الهاتف النقال أو «الأيباد» وسيلة لشغل ابنتها ذات الـ4 أعوام، وتجد صعوبة كبيرة في فك ارتباط ابنتها بالهاتف رغم ما تقوم به من جهود، وما توفره من أدوات رسم وتلوين وخصوصاً في ظل البقاء في البيت.

وأوضحت فاطمة عيسى وهي أم لثلاثة أطفال، أن ابنها الصغير، عرف الهاتف النقال من خلال إخوانه الذين يدرسون عن بُعد، وإن استعماله للهاتف أصبح بالنسبة إليه المتنفس الوحيد الذي يشعره بالسعادة، ولا يفارقه إلا عند النوم، موضحة أنها لاحظت فقدانه الرغبة في الأكل أو الشرب طالما الهاتف أو «الأيباد» في يده، حيث لا يشعر لا بالجوع ولا العطش.

وتعاني نورة الدوسري وهي أم لـ 4 أطفال من صعوبة كبيرة في إبعاد أطفالها على الهاتف ووسائل التكنولوجيا، لاسيما في الظروف الراهنة، حيث انتقل العمل للبيت، وكذلك الدراسة، ما جعل البيت منصة ينجز فيها الجميع أعماله من خلال وسائل التكنولوجيا، ولكنها حسمت الموضوع منذ البداية، وحددت وقتاً لاستعمال الهاتف وذلك للدراسة فقط، وكانت جادة في ذلك، بينما خصصت بقية الوقت لممارسة الألعاب التفاعلية والقراءة، واعتبرت نورة أن ذلك يعد تحدياً كبيراً، لاسيما في ظل وجود أكثر من طفل في أعمار متقاربة.