مريم بوجيري

في الأسابيع الماضية تكرر الحديث عن الاستعدادات لمرحلة ما بعد جائحة كورونا (كوفيد19) في جميع دول العالم، فعلى الرغم من مضي شهور عديدة على هذه الجائحة، إلا أن الاستعداد للمرحلة القادمة يتطلب من الأفراد الكثير، فكيف يمكن السيطرة على التأثيرات النفسية للجائحة خصوصاً على الأطفال وكبار السن؟

تجيب أخصائية العلاج النفسي فاطمه النزر، إنه بالرغم أن إصدار منظمة الصحة العالمية الخاص بالناحية الاجتماعية والنفسية قد ركز على الفئات الأكثر عرضة للخطر ككبار السن والمرضى سواء من الناحية النفسية والذين قد يتعرضون لانتكاسة علاجية بسبب الضغوط الحياتية أو بسبب تعطل الكثير من الخدمات الخاصة بهم وكذلك الأطفال من الفئات الخاصة والذين قد تتدهور بعض الكفاءات لديهم للسبب نفسه ، إلا أن التركيز في الفترة الحالية على الأفراد العاديون والذين لا يعانون من أحد المشكلات السابقة وذلك لأن المراهنة ستكون كبيرة عليهم في السيطرة على الجائحة .



وأكدت أن الاهتمام بالصحة النفسية في مثل هذه الفترات العصيبة أمراً غاية في الأهمية، إذ يجب اتخاذ الإجراءات اللازمة للحفاظ على الصحة النفسية للمجتمع ، ولسوء الحظ كانت مواقع التواصل الاجتماعي عاملًا إضافياً ساهم في نشر الذعر بين عامة الناس، إلا أنه يمكن الاستعانة بالعديد من التدابير الإيجابية التي تساعد على العناية بالصحة النفسية للمجتمع والأفراد.

وقالت: "لعلي أركز هنا على الأطفال والمراهقين حيث أنهم يتفاعلون مع ما يرونه ويلاحظونه من تصرّفات البالغين من حولهم وخاصة الوالدين، وتنعكس استجابة الأهل الهادئة والواثقة لتداعيات مرض فيروس كورونا (كوفيد 19) بشكلٍ إيجابي على الأطفال، وتسهم في تقديم الدعم المناسب لهم"، مبينة أن الأطفال عادةً يشعرون بالخوف من الأمور غير المفهومة بالنسبة لهم، وفي الوقت الحالي ومع أمتلاك الأطفال للأجهزة الذكية أصبح الوضع أصعب وخاصة مع انتشار العديد من الأخبار غير الحقيقية، كما يمكن أن يعتقد الأطفال أنهم مسؤولون عن وقوع الأحداث المحيطة بهم فالأطفال الأصغر عمراً يرغبون في الخروج واللعب ويعتقدون أن حرمانهم بسبب إساءتهم للتصرف وهنا يأتي دور الأهل لطمأنتهم على النحو الملائم.

أما بشأن الاستجابة للظروف الراهنة، فأوضحت النزر أن طريقة الاستجابة عند الأطفال تختلف للظروف الراهنة بحسب كل طفل، ولكن بعض ردود الفعل الشائعة ستشمل: البكاء، والقلق المفرِط، والحزن والصداع غير المبرر وإساءة التصرف والانفعال وتجنّب الأنشطة التي كانوا يستمتعون بها سابقاً وصعوبة التركيز، كما قد يعاني الأطفال من الانزعاج والكوابيس الليلية، بالإضافة إلى الحديث والتصرف بشكل طفولي، مؤكدة أنه يجب إدراك أن الأطفال يتفاعلون بشكل مختلف مع الـحداث الحزينة والضاغطة ويخوضون مراحله بشكل أسرع من البالغين، كما أن بمقدورهم استيعاب مفهوم الفقدان منذ عمر 5 سنوات.

وأما بشأن كيفية التعاطي مع الحالة النفسية للطفل خلال الأوضاع الراهنة، فبينت أنه يعتبر تخصيص وقت كاف للتحدث مع الأطفال ومشاركة الحقائق معهم بطريقة بسيطة يمكنهم فهمها أمراً فارقاً، إلى جانب طمأنة الطفل ومنحه شعور الأمان والتوضيح له بأن الشعور بالانزعاج مما يحدث هو أمر طبيعي ومحاولة تعليمية وتثقيفية بالإرشادات الصحية بشكل مرح ومبسط وبطريقة اللعب هو أمر غاية في الأهمية، كما يساعد الحفاظ على روتين منتظم في التّخفيف من عزلة الطفل، وحتى مع إغلاق المدارس، يمكن وضع جدول زمني لأنشطة التعلم والأنشطة الترفيهية والأهم إشعارهم أن مهما طال زمن الجائحة فإن الحياة مستمرة وبها الكثير من الأمل والتفاؤل.