تحت مسمى الدين أو العادات والتقاليد استسلمت المجتمعات العربية للوضع القائم حتى وإن أخبرتهم العولمة بحجم الخطأ الذي يعيشونه إلا أنهم يتمسكون به ويردد بعضهم «الله لا يغير علينا» مصرين على التمسك بالمعلومة السطحية والتي دائماً ما تحصل لها على مؤيدين في أغلب المجتمعات.

وعلى سنن الحياة فإن الأفكار الجديدة دائماً ما تحارب وتكون مرفوضة إذا لم تواكب نسق المجتمع السائد وأعرافه وتقاليده، ودائماً ما يلجأ الناس إلى الدين لمحاربة هذه الأفكار، ومن المفارقات التي توضح هذا الأمر أن رأياً فقهياً كان قد خالف المذاهب الأربعة واستغربه الناس وهو إيقاع الطلاق بالثلاث طلقة واحدة، حتى أصبح الآن هو الرأي السائد والمألوف بل وقانون يحكم به في أغلب محاكم الأحوال الشخصية في العالم الإسلامي ويعرف الآن صاحب هذا الرأي بشيخ الإسلام.

إن المحافظة على الإرث الاجتماعي أمر مهم جداً ولكن مع قليل من الحكمة وكسر للجمود الفكري الذي يعاني منه كثيرون من العلماء وحتى أصحاب المناصب يؤدي إلى تخلف المجتمع وعدم مواكبة العلم بحجة التمسك بالدين أو بالعادات والتقاليد مما يؤدي إلى حالة من الحساسية في الوسط الاجتماعي في حال ظهور أي فكرة خارجة عن المألوف فتجد بعض رجال الدين الذين لم يحصلوا على الصورة كاملة بل نقلت إليهم بشكل مقطوع حتى يطلقوا الحكم بتحريمها والتحذير منها، وهذا الحكم أتى نتيجة لطريقة الطرح وزاوية رؤية السائل الذي يبحث عن جواب يرضيه.

بعد مدة ومراجعات كثيرة تجد هذا العالم وقد تراجع عن هذا الرأي وأصبح هو الرأي السائد والمعمول به، إننا في عصر سريع التغير وسريع الانتشار، ولذلك فإن فقه الواقع وإدراكه ومراعاة المجتمع والعرف قبل إطلاق أي فتوى يزيد من قوة الاستناد والاستدلال وتقبل الناس برحابة الصدر، وعدم إطلاق الأحكام بسرعة دون الدراية الكاملة لأي موضوع، فلا يمكن الاستقلال التام لأي فرد بيننا كونه فرداً في منظومة أسرية واجتماعية والعديد من العوامل التي لا نستطيع الانفكاك منها كلياً، فمن المؤسف أن يتبنى بعض الأذكياء العديد من الأفكار المغلوطة ويستخدمون دهاءهم وذكاءهم للتسويغ والترويج لهذه الأفكار.