* "حزب الله" تحت الضغط وسط غضب عارم من انفجار المرفأ

* محللون: رفض التحقيق الدولي في كارثة المرفأ للتغطية على جرائم "حزب الله"

* توقيف 22 مسؤولاً على خلفية الكارثة المدمرة



* الحريري: المطار والمرفأ بقبضة "حزب الله"

* جنبلاط: لست مقتنعاً برواية نصرالله حول المرفأ

* "انفجار بيروت" يشرد 100 ألف طفل

واشنطن - (الحرة، وكالات): في الوقت الذي تنعى بيروت ضحاياها وتلملم جراحها جراء الانفجار المدمر في مرفأ العاصمة، يتصاعد غضب اللبنانيين تجاه النخب السياسية وفي مقدمتها حزب الله، أحد أكثر الفصائل السياسية قوة في البلاد.

وتزايد الغضب يأتي، وفق تقرير من مجلة نيوزويك الأمريكية، بسبب الإهمال والفساد الواضحين اللذين سهلا الانفجار المدمر في مرفأ بيروت الذي يسيطر عليه الحزب.

فقد تركت شحنة نترات الأمونيوم التي انفجرت في ميناء بيروت في الموقع لمدة ست سنوات، على الرغم من التحذيرات المتكررة من أنها تشكل خطراً كبيراً على المدينة المكتظة بالسكان.

ويقول تقرير المجلة إن "حزب الله" المدعوم من إيران، أحد أقوى الفصائل السياسية، كما أنه ميليشيا تسيطر فعلياً على جنوب لبنان.

ويتمتع الحزب بنفوذ هائل في البلاد ويعمل فعلياً كدولة داخل الدولة، حتى أنه يخوض حروبه الخاصة مع إسرائيل في الجنوب.

في سياق متصل، أجمع الحليفان الرئيس اللبناني، ميشال عون، وزعيم ميليشيات "حزب الله"، حسن نصر الله، في كلمتين منفصلتين، على رفض التحقيق الدولي في انفجار المرفأ، وهو المطلب الذي تصر عليه شخصيات لبنانية وجهات دولية، فيما أكد محللون أن "رفض التحقيق الدولي في كارثة المرفأ للتغطية على جرائم "حزب الله"".

ودعت جهات عدة بينها منظمات دولية في بيروت أبرزها هيومن رايتس ووتش والعفو الدولية إلى إجراء تحقيق دولي لكشف ملابسات الانفجار الضخم، قبل أن يؤيد هذه الدعوة الفرنسي، إيمانويل ماكرون، خلال زيارته للعاصمة في انفجار مرفأ بيروت.

إلا أن عون، وبعد يوم من زيارة ماكرون الذي لاقى احتضاناً شعبياً في شوارع بيروت، قال لصحفيين في القصر الجمهوري في بعبدا، إن الانفجار الضخم الذي أودى بحياة 154 شخصاً وأصاب أكثر من 5 آلاف آخرين بجروح الثلاثاء، اعتبر أن التحقيق الدولي "تضييع للحقيقة".

وبشكل يبدو منسقاً وبعد وقت وجيز خرج زعيم حزب الله حسن نصر الله في موقف مماثل، ما يطرح علامات استفهام عن سبب رفض الحليفين للتحقيق الدولي لكشف سبب الانفجار الهائل، الذي تقول السلطات، إنه كان بسبب 2750 طناً من مادة نيترات الأمونيوم خزنت في مستودع بمرفأ العاصمة.

موقف عون ونصر الله الرافض لإجراء التحقيق الدولي قابلته مواقف مضادة صدرت من قوى سياسية لبنانية عديدة أبرزها تيار المستقبل بزعامة رئيس الوزراء السابق سعد الحريري وآخرين.

كتلة المستقبل بقيادة الحريري طالبت بمشاركة خبراء دوليين ولجان متخصصة قادرة على تحديد حقيقة الانفجار.

ودعا ثلاثة رؤساء وزراء سابقون هم فؤاد السنيورة ونجيب ميقاتي وتمام سلام إلى تشكيل لجنة تحقيق دولية لكشف ملابسات انفجار المرفأ، وانضم إلى هذه الدعوات أيضا رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع.

وتعليقاً على انفجار المرفأ، أشار نجل رئيس حكومة لبنان الأسبق، ​بهاء الحريري،​ إلى أنه "من الواضح تماماً أن ​"حزب الله"​ هو المسؤول عن ​الميناء​ والمستودع، وكل شخص في المدينة يعرف أن حزب الله يسيطر على مرفأ و​مطار بيروت​ وأنه من غير المعقول أن السلطات لا تعرف أن نترات الأمونيوم القاتلة مخزنة في مستودع هناك".

وقال الحريري في حديث لصحيفة "ديلي ميل" إن "السؤال الذي يجب أن نطرحه هو كيف سمح لهذه المادة القابلة للاشتعال ولمدة ست سنوات أن تبقى في قلب هذه المدينة التي يسكنها مليونا شخص. من الواضح تماماً أن حزب الله هو المسؤول عن الميناء والمستودع حيث تم تخزين نترات الأمونيوم".

من جانبه، أكد رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي في لبنان، وليد جنبلاط، أن "هناك علاقة غامضة بين حزب الله وسلطات الدولة اللبنانية".

وقال جنبلاط لـ"العربية" "هل يعقل أن حزب الله ليس معه خبر بالشحنة الخطيرة في المرفأ؟ لا أعتقد ذلك. لست مقتنعاً برواية حسن نصرالله".

وأضاف، "لا نثق بتحقيق الأجهزة المحلية التي أصابها الاهتراء والتسييس"، مؤكداً: "نصر على أن يكون هناك تحقيق لبناني - دولي بانفجار المرفأ". وتابع "اللبنانيون أصبحوا لا يثقون في السلطة السياسية".

ويرى خبراء ومحللون أن إصرار نصرالله وعون على رفض التحقيقات الدولية ليس مستغربا، باعتبار أن حزب الله هو المتهم الأول وأي تحقيق خارجي سيؤدي لكشف دوره في الحادث.

وقال الباحث السياسي اللبناني مكرم رباح إن "رفض حزب الله والرئيس اللبناني إجراء تحقيقات دولية يعود لأنهما يرغبان بالسيطرة على مسرح الجريمة، وعدم كشف الجهات الحقيقية المسؤولة عنه والمتمثلة بحزب الله".

وأضاف رباح لموقع "الحرة" أن "الكشف عن الجهة التي تقف وراء الحادث سيؤدي بالنهاية إلى تصاعد الغضب الشعبي ضد نصر الله وسلاح الحزب، وقد يؤدي لمواجهة شعبية، وهذا ما يخاف منه نصر الله والرئيس ميشيل عون".

كذلك أشار رباح إلى أن "عون ونصرالله أرادا أيضا أن يوصلا رسالة للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تؤكد رفضهما القاطع إجراء أي تحقيقات دولية".

وأعرب ماكرون، خلال زيارته بيروت، الخميس، عن تأييده "إجراء تحقيق دولي مفتوح وشفاف للحيلولة دون إخفاء الأمور أولا ولمنع التشكيك".

وحمل اللبنانيون مسؤولية الانفجار للسلطة الحاكمة، التي انتفضوا ضدها قبل أشهر مطالبين برحيلها. واندلعت ليل، الخميس، مواجهات محدودة بين عشرات الشبان الغاضبين والقوى الأمنية في وسط بيروت.

من جهته قال رئيس منظمة "جوستيسيا" الحقوقية المحامي بول مرقص لموقع الحرة إن "هناك ضغطا شعبيا وإلى حد ما دولي أيضا بغية فتح تحقيق دولي بالحادث وربما الذهاب أبعد ذلك عبر إنشاء محكمة خاصة"، كما حصل في عملية اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري.

وتجري الأجهزة القضائية اللبنانية تحقيقا في الانفجار الذي قالت السلطات إنه ناجم عن تخزين 2750 طنا من مادة نيترات الأمونيوم في العنبر رقم 12.

ووصل عدد الموقوفين على ذمة التحقيق إلى 22 شخصا بينهم مسؤولون رفيعون في مرفأ بيروت، بالإضافة لموظفين في الجمارك ومهندسون. ومن بين الموقوفين رئيس مجلس إدارة المرفأ حسن قريطم. وفي وقت لاحق، كشفت مصادر عن توقيف مدير عام إدارة الجمارك بدري الضاهر على خلفية التحقيقات بانفجار مرفأ بيروت.

ويرى المحلل السياسي منير ربيع أنه "لا يمكن الوثوق بالجهات التي تقود التحقيقات الحالية لأنها هي نفسها متهمة، وكانت موجودة بالمرفأ ولديها سلطة وصلاحيات ولم تقم بأي عمل لتجنب هذه الكارثة".

ويضيف ربيع للحرة أن "أي جهاز أمن لبناني موجود في موقع الحادث لا يمكن أن ينجز تحقيقا يدين به نفسه، هذا أمر غير معقول".

ويتفق مكرم رباح مع ربيع ويشير الى أن مسؤولية التفجير المروع، الذي شعر به السكان في جزيرة قبرص في البحر المتوسط، "تقع على عاتق الأجهزة التي تقوم بالتحقيقات حاليا، من جمارك إلى مخابرات الجيش وكل الأجهزة الرقابية جميعها معرضة للمحاسبة".

ويشير مكرم إلى أن "الرغبة بإجراء تحقيق جدي في الحادث غير موجودة بالأساس، وحتى لو حصلت فإن الأجهزة المعنية لا تمتلك الخبرات اللازمة للكشف عن حقيقة ما جرى بشكل موثوق وعلمي".

ويقول مرقص إن "إحالة قضية مرفأ بيروت للجنة تحقيق دولية أو بعثة تقصي حقائق موثوقة من شأنه أن يعطي مصداقية أكبر لنتائج التحقيقات".

ويتابع أن "ذلك أفضل من جعل الملف بعهدة المجلس العدلي في لبنان، الذي يلقب بمقبرة الأحكام، وبالتالي سيكون مصيره، كمصير عشرات ملفات الاغتيال والجرائم التي وقعت خلال السنوات الماضية، ولم يتم التوصل لأية نتائج بشأنها".

من جهة ثانية، قالت منظمة الأمم المتحدة لرعاية الطفولة "يونيسيف" إن "الأضرار التي نجمت عن الانفجار الهائل، أجبرت نحو 100 ألف طفل على النزوح عن منازلهم في العاصمة بيروت".

وأكدت المنظمة أن "120 مدرسة تخدم 55 ألف طفل تعرضت لأضرار مختلفة".