إفي:

بعد نهاية رائعة لموسمه محليًا باقتناص لقب الليجا من براثن غريمه التقليدي برشلونة، وجد ريال مدريد نفسه خارج بطولة دوري الأبطال على يد مانشستر سيتي الإنجليزي بالخسارة مساء الجمعة بنفس نتيجة مباراة الذهاب قبل 5 أشهر على ملعب (سانتياجو برنابيو) بنتيجة (2-1).

واستقبلت كتيبة المدرب الإسباني بيب جوارديولا الفريق الملكي على ملعب (الاتحاد) في مباراة لم تكن القسمة على اثنين بالنسبة للفريقين، وبشكل خاص لصاحب المقام الرفيع في البطولة (13 لقبا)، ليستفيق الفريق على صدمة خروجه من البطولة لأسباب عديدة أدت إلى هذا الأمر.



1- من ليلة كارباخال السوداء إلى فاران:.

إذا كانت اللقطة الأبرز في مباراة الذهاب التي احتضنها ملعب البرنابيو هي خطأي الظهير الأيمن الدولي داني كارباخال، فإن نفس الأمر تكرر على ملعب (الاتحاد) ولكن من اسم آخر في دفاع الميرينجي وهو الفرنسي رافائيل فاران الذي كانت تقع على عاتقه مسؤولية قيادة الفريق من الخلف في ظل غياب القائد الحقيقي سرخيو راموس بسبب طرده في مباراة الذهاب.

ولا شك أن تواجد راموس داخل المستطيل الأخضر يلقي بظلاله على باقي زملائه لما يملكه اللاعب من قوة وروح قتالية تساعده على قيادة الفريق حتى إن لم يكن في أفضل حالاته، إلا أن غيابه جعل الأمور أكثر صعوبة، ليقدم فاران ليلته الأسوأ، وبثقة زائدة أهدت "السيتيزنس" هدفين مجانيين عقدتا من حظوظ فريقه في إمكانية قلب الطاولة واقتناص بطاقة التأهل من قلب مدينة مانشستر.

ولم يكن البرازيلي ميليتاو، الذي حل مكان راموس الذي كن شاهدا على إقصاء فريقه من المدرجات، أفضل حالا من فاران، ليواجه الفريق صعوبات كبيرة داخل الملعب، وكان من الممكن أن تسوء الأمور وتكون النتيجة أكبر بكثير لولا سوء حظ لاعبي السيتي تارة وتألق البلجيكي تيبو كورتوا في الذود عن مرماه تارة أخرى.

2- جوارديولا يتفوق على زيدان في مواجهتهما الخاصة:.

أمر آخر ساهم في التفوق الواضح للفريق الإنجليزي داخل الملعب، وهو الجانب الخططي لمدربه الإسباني بيب جوارديولا، الذي سارت المباراة تماما وفقا لما خطط له، وأظهر تفوقه الخططي على زيدان، من خلال توظيف قدرات لاعبيه وفقا لما تقتضيه كل مباراة.

وإذا كان رهان جوارديولا في مباراة الذهاب على التراجع الدفاعي وغلق المساحات لحرمان الفريق الملكي من السلاح الذي يجيده وهو الهجمات السريعة، بينما في مباراة العودة على ملعبه كانت الصورة مغايرة، حيث قام بتطبيق الضغط العالي لمنع خروج الكرة من الخلف بطريقة مريحة، فضلا عن إجبار لاعبي الريال على ارتكاب الأخطاء وهو ما حدث بالفعل في الهدفين.

على الجانب الآخر، لم يجد زيدان ما يقوله على لوحته الخططية، لا حلول لتغطية المساحات في ظهر لاعب الوسط البرازيلي كاسيميرو، بينما حاول وجود إنسيابية أكثر في خروج الكرة بتأخير موقع الكرواتي لوكا مودريتش، بينما لم يكن خيار الاعتماد على البرازيلي الشاب رودريجو في اليمين كافيا لدفع الفريق إلى الأمام وتهديد مرمى إيدرسون مورايش.

3- الندرة التهديفية وغياب الحلول:.

لم يهدد لاعبو الريال كثيرا مرمى مورايش، وبالكاد سدد الفريق 4 كرات على مرمى أصحاب الأرض في يوم كان يحتاج فيه الفريق الملكي لهدفين من أجل معادلة نتيجة الذهاب، بينما كان الواقع غير ذلك ليعكس النقطة السلبية الأبرز التي لازمت الفريق على مدار الموسم، وحتى تتويجه بالليجا لم يكن ليشفع له أمام فريق بحجم السيتي.

ورغم الهدف الذي سجله الفرنسي كريم بنزيمة من رأسية متقننة مع نهاية الشوط الأول، إلا أن هذا لم يكن كافيا، وظهر الفريق بصورة محبطة في الشوط الثاني، حتى أنه لم يهدد مرمى السيتي بأي فرصة، وزاد الأمر سوءا تغييرات زيدان المتأخرة، وعدم اعتماده على لاعب مهاري مثل البرازيلي فينيسيوس جونيور كان من الممكن أن يحدث القلق لدفاع السيتي ويُبقي على آمال فريقه في اللقاء.

إلا أن تدخل زيدان لم يكن موفقا حيث قرر الدفع بالثلاثي لوكاس فاسكيز والأوروجوائي فيدي فالفيردي والصربي لوكا يوفيتش، الذي قدم موسما ولا أسوأ، في الدقيقة 82، إلا أن عامل الوقت لم يكن في صالحهم لإحداث الفارق.

4- المخاطرة بهازارد:.

رغم أن المباراة كانت بمثابة حياة أو موت لبطل إسبانيا، إلا أن الجميع تفاجئ بظهور النجم البلجيكي إيدين هازارد داخل المستطيل الأخضر منذ البداية رغم ابتعاده عن نسق المباريات بدنيا أو فنيا بسبب الإصابة، وهو ما ثبت خطأه لاسيما في مباراة بهذا الحجم وبهذه الأهمية.

أمر آخر يتعلق بهازارد، فبعيدا عن إصابة الكاحل التي أبعدته عن الملاعب الجزء الأكبر من الموسم، يجب على المدرب الفرنسي إيجاد مكانا آخر داخل الملعب يعطي الحرية أكثر لهازارد للتعبير عن قدراته، حيث بدا واضحا للجميع عدم شعوره بالراحة على الجانب الأيسر بعيدا، ليظهر بصورة شاحبة وبعيدة تماما عن تلك التي ظهر بها مع تشيلسي ووضعته ضمن مصاف الأفضل في العالم.

5- الملك لم يُظهر وجهه الحقيقي في بطولته المفضلة:.

يبدو أن مؤشرات خروج الفريق المتوج على عرش الأندية في القارة العجوز لم تكن في مباراة السيتي فحسب، بل إن الفريق منذ بداية النسخة الحالية لم يظهر بوجهه الحقيقي الذي جعله يحقق أرقاما غير مسبوقة في تاريخ الكأس "ذا الأذنين" والسيطرة على اللقب لثلاثة مواسم متتالية.

فالبداية كانت بالخسارة في حديقة الأموراء في باريس على يد باريس سان جيرمان في دور المجموعات بثلاثية نظيفة، والتعادل في قلب البرنابيو أمام المكافح كلوب بروج (2-2)، لتصبح رحلته إلى تركيا لمواجهة جالاتا سراي التركي على المحك، ليحقق فوزا ضئيلا بهدف نظيف فقط، وأخيرا التعادل في نهاية مشوار المجموعة في عقر داره أمام الـ"بي إس جي" بهدفين، ليأتي ثانيا بعد الفريق الباريسي، ويدخل في مواجهة صعبة مع المان سيتي، ويودع الفريق بطولته المفضلة من ثمن النهائي للموسم الثاني تواليا.