انفجار بيروت سواء كان حادثاً غير مقصود أو أمراً مفتعلاً ما هو إلا دليل آخر يظهر تدهور وضع الدولة اللبنانية ومؤسساتها وتأزم الحالة اللبنانية بشكل عام إلى درجة لا يمكن من خلالها التكهن بالمستقبل. لبنان الذي أضاع 45 سنة من تاريخه في الحروب والصراعات والقتل والتدمير يمر مرة أخرى بأزمة مصير.

البعض من متابعي الشأن اللبناني على يقين بأن الانفجار جاء ليرسل رسالة مما يسمى «حزب الله» للعالم مفادها أن أي إدانة له ولعملائه في قضية اغتيال «الحريري الأب» لن تمر بسلام. والبعض يعتقد أن الحادث مفتعل ليكون بمثابة «القشة التي قصمت ظهر البعير»، فيتم بعدها السماح لدول كبيرة بالتدخل في لبنان، وإعادة ترتيب موازين القوى فيه، بعد سنوات من اختلالها. فريق آخر، يرى الانفجار نتيجة حتمية لتشتت الدولة وضعفها وتقاعسها عن القيام بدورها خاصة وأن وجود شحنات «نترات الأمونيوم» في الميناء والتي سببت الانفجار لم تكن سراً مخفياً.

لا أحد يعلم الحقيقة بعد، فالتفسيرات كثيرة وكلها تحمل شيئاً من المنطق لكن كلها مرتبطة بشكل أو بآخر بوجود «حزب الله» المسيطر على مفاصل الدولة والمتحكم في تعيينات المسؤولين فيها من القمة إلى أصغر موظف. فأياً كان سبب الانفجار، لابد أن يكون الملام فيه هو «حزب الله».

هذا الحزب، أو بالأحرى ذراع إيران في لبنان، ومنذ اتفاق الطائف، هو المتسبب الرئيس في جميع الكوارث التي مرت على لبنان. وهو المثال للنموذج الذي تسعى إيران إلى تصديره وتكراره في دول المنطقة.

ولعل انفجار بيروت هو بداية النهاية لهذا النموذج السيء. فالفرصة الآن مواتية لحركة شعبية جديدة في لبنان تشمل كل الأطياف المتضررة من وجود «حزب الله» وأتباعه على أن تكون حركة جادة ومقنعة للداخل والخارج وأكثر تنظيماً عن ما رأيناه في أكتوبر 2019 عندما خرج جمع كبير من اللبنانيين للشوارع احتجاجاً على تدهور الاقتصاد والفساد.

لا شك في أن احتجاجات العام الماضي كانت مؤثرة نسبياً، لكنها افتقدت الجدية المنشودة ولم تسفر عن الكثير سوى استقالة رئيس الحكومة سعد الحريري الذي يئس من مواصلة العمل في ظل العراقيل، على الرغم من أن الاحتجاجات لم تكن تستهدفه هو شخصياً. هذه المرة، الحالة تستدعي إصراراً على التغيير الشامل ومجهوداً مضاعفاً في فرض رأي الأغلبية والتفاف صادق من الجميع حول العلم اللبناني بعيداً عن التخندق.. ننتظر لنرى.