لا شك في أن الفرق شاسع ما بين السلام والسلام، وما بين المصلحة العامة والمصلحة الخاصة، تمام كالفرق بين العمل على الخراب ونقيضه، فالبون شاسع، لأقدم مثال أوضح يبين وجهة نظري وربما تكون وجهة نظر الكثيرين على الساحة.

فلنبدأ بسلام التسعينات عندما افتتحت قطر مكتباً تجارياً إسرائيلياً في عاصمتها، عاصمتها التي سرعان ما امتلأت بعد ذلك بتنظيمات الأخوان والإرهابيين من القاعدة والأتراك وحتى الإيرانيين والقاعدة، عاصمتها التي افتتحت قناة تجميلية وعدائية في ذات الوقت، وكأنها تقول للعالم الآن كبرت وبلغت سن الرشد وسأقودكم لدمار قادم وخلافات تعصف ببلدانكم.

نأتي إلى السلام الآخر، السلام الذي حملته العاصمة أبوظبي، سلام ناصع البياض وواضح المعالم، سلام تم في وضح النهار، وبأهداف نبيلة حفظت للعديد من الشعوب حقوقها ما بين الفلسطينيين وغيرهم من الأخوة العرب والذين باتوا على مقربة من زيارة أولى القبلتين، عاصمة الإمارات ستمتلئ هي الأخرى ولكن بالمهنئين والساعين إلى السلام وحفظ دماء الملايين، عاصمة وضعت اللبنة الأولى في سلام تاريخي سيذكره التاريخ وستُذكر معه الرياض والمنامة والقاهرة، وسيشار إليهم بجملة واحدة وهي صناع السلام الحقيقي.

إن أحوج ما تحتاجه الأمة في هذا الوقت هي السكينة والسلام الحق، السلام الذي يوقف المتاجرين بالقضية الفلسطينية والمتاجرين بالدمار والدماء عند حدهم، يوقف إيران عن توسعها بالعواصم العربية بحجة تحرير القدس، ويوقف ما يسمى بحزب الله عن دمار لبنان وسوريا العروبة، ويوقف الحوثيين عن بطشهم باليمن العزيز وأهله الكرام، يوقف الأتراك المتأسلمين عن تدخلاتهم بحجج واهية، ويوقف عاصمة السلام المزعومة التي ناح غربان جزيرتها على الاتفاق التاريخي، متناسين اتفاق سلام العاصمة التي تضمهم وما جلبه من خزي وعار ودمار وخراب، فأخبار الخراب تفرح دعاة الحرب في قناة الجزيرة، وأخبار السلام تغض مضجعهم.

هذا هو الفرق بين السلام والسلام تماماً كالفرق بين الحياء والوقاحة.