لا أحد يمكنه أن ينكر أن «الدولة» بقيادتها بسلطاتها بمسؤوليها بتشريعاتها فعلت ما في استطاعتها من أجل احتواء «المتمردين» عليها وبناء جسور الثقة معهم، حتى بعد أن حاولوا هدمها وإغراقها في الفوضى.

إثر جائحة كورونا تبدت ثقة الدولة بنفسها وتعززت وفتحت الدولة أذرعها لاحتواء الجميع وعفت عن الكثير وعملت المستحيل لا من أجل مواجهة فيروس كورونا فحسب بل من أجل مواجهة أي عامل من عوامل هز الثقة والتشكيك في رغبتها في احتواء أبنائها من جديد، والتي تحرص دولة مثل إيران ومليشياتها الإرهابية على نزعها من أبناء الشعب البحريني، في بداية الجائحة قامت حتى بعكس ما نصحها به الكادر الطبي وأخذت على عاتقها تحمل زيادة العبء من أجل أن تعطي نموذجاً ومثالاً على الدولة التي تضع مصلحة مواطنيها وصحتهم بل وراحتهم دون تمييز، وقررت إعادة جميع الذين كانوا في الخارج من كل مكان رغم أن ذلك عكس ما اتفقت عليه مع دول مجلس التعاون، ورغم محدودية إمكانية البحرين قياساً بالدول الأخرى، ولكن حتى تسكت أصوات الطبول التي كانت تقرع على عامل الطائفية والتمييز والاضطهاد، فقررت أن تعيد كل من هم في الخارج في إيران أو غير إيران، رغم أن الآخرين سكتوا والتزموا بإجراءات السلامة التي قررتها الدولة ثقة فيها.

الرعاية التي قدمتها الدولة شهد بتقدمها ورقيها وجودتها وحسن إدارتها العالم كله، المعاملة التي لقيها المواطن البحريني لم يكن فيها أي تمييز، بل بالعكس فقد كان الكادر الطبي من أبناء البحرين من جميع الطوائف، يعملون بلا كلل ثقة في الدولة وفي إجراءاتها، لم يكن تكن هناك أي شكوى بل بالعكس كانت إدارة أزمة الجائحة عاملاً من عوامل تعزيز الثقة بين المواطن وبين الدولة عند الجميع في القرى والمدن، إدارة عادلة لا تميز ولا تستثني أحداً وعلى أعلى مستوى.

وعالجت الدولة تبعات الحظر والمنع الاقتصادية أيضاً بلا تمييز ساعدت القطاع الخاص أوقفت القروض قدمت رواتب لمن أجبرتهم الجائحة على الجلوس في البيت بلا تمييز بلا تفرقة.

وحين يفعل طرف كل هذه الخطوات من أجل التأكيد على أن المواطن واحد لا يفرق بينه وبين غيره في كل الخدمات التي تقدمها الدولة فإن على الطرف الثاني أن يتقدم خطوة بالمقابل ويتوقف عن التشكيك والتشكي والتذمر وتحدي القرارات، هكذا تتعزز الثقة وهكذا تبنى.

اليوم نحن أمام مفترق طرق، مستقبل الأجبال القادمة رهن بالبناء على ما تم اكتسابه من جسور للثقة بنيت في الآونة الأخيرة ما حصل في الآونة الأخيرة، أمامنا فرصة لاستثمار هذه الأريحية من قبل الدولة، تعزيز الثقة بين هذا الجيل «المتمرد» والدولة جهد لابد أن يبذل من جميع الأطراف لا من طرف واحد تعود أن يلوي ذراع الدولة ويثير لديها الشعور بأنها دائماً على خطأ وأن عليها أن تلبي طلباته دائماً أو سيتمرد.

استثمار الروح الإيجابية التي ازدهرت أثناء الجائحة بين المواطن البحريني بكل فئاته وأجهزة الدولة مسؤولية الطرف الآخر الآن، مسؤولية الكبار والعقلاء والآباء من أبناء القرى، مسؤولية النساء والرجال الذين لمسوا وعرفوا أن ما قامت به البحرين لم تقدمه أي دولة أخرى لهم ولابنائهم دون تفرقة.

صوت العقل لابد أن يقوى من أجل مستقبل أبنائهم حتى ينشؤوا في أجواء الاستقرار والهدوء كي ينخرطوا جميعاً في عمليات البناء، بل وينخطروا في محيطهم الخليجي العربي ويثبتوا أنهم أبناء هذا الخليج.

لينظر كل منا حوله العالم يتغير لا مكان للمتمرد على الدولة الآن في أي موقع، انتهت هذه الفوضى المدمرة، لا يسمح الآن للمتمرد أن يغرق المركب بمن فيه ويتحمل الجميع تبعات قرار لم يوافقوا عليه.

لِمَ تجعلون من أبنائكم ومستقبلهم رهينة لشريحة لمجموعات تختطفكم وترهبكم وتفرض خياراتها عليكم؟ ومنكم المتعلمون المثقفون المنخرطون مع بقية أبناء الوطن في بنائه.

لم يتعرض الطبيب والممرض والإداري ورجل الأمن والموظف والتاجر من أبناء القرى للخطر وهو الذي تعب وأرهق وحفر الصخر حتى وصل إلى ما وصل إليه ويريد أن يعيش بأمان ويريد أن يربي ابنه وابنته في ظل الدولة والاستقرار؟

القصة ليست تعريض سلامتكم للخطر دون اعتبار لكم في هذا المتمرد على الإجراءات الاحترازية، القصة هو تعريض مستقبلكم ومستقبل أبنائكم للخطر.

ألا تكفي الأمثلة الحاضرة من حولكم، لبنان والعراق مثالاً على ما ستؤول إليه الأحوال حين يستولي حزب الله والحشد على قرار الأغلبية؟ فهل هذا ما تطمحون له؟