يقال «يقاس التأثير بالأثر»، كدلالة على ثقل جهة أو طرف ما في الواقع، فالعالم مزدحم بالنظريات حتى آخره، لذلك أصبحت الأفعال والنتائج هي القول الفصيح، وهي العلامة الفارقة في أهمية الجهد من عدمه. وبعد عقدين من انطلاق المشروع الإصلاحي لحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى حفظه الله، يمكننا أن نرى المشهد بكل تفاصيله واضحاً وجلياً، أين كنا، وأين صرنا، وكيف تحولت الخطط والرؤى إلى واقع ملموس يشهده القريب والبعيد، وجهاً حضارياً حديثاً، وتجربة ديمقراطية نوعية، وعملاً مؤسسياً راقياً، لتضع البحرين نموذجاً رائداً على جميع المقاييس. ولو أردت أن أنتقي تجربة نفخر بها أمام العالم أجمع لدولة المؤسسات والقانون، فإني لن أستثني تجربة المجلس الأعلى للمرأة برئاسة صاحبة السمو الملكي الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة قرينة عاهل البلاد المفدى، الشخصية الفذة، التي أخذت المرأة البحرينية من دائرة الحديث عن النهوض والدعم والتمكين، إلى الأفق الواسع الرفيع، والتقدم الذي نجده اليوم في كل المؤسسات العامة والخاصة، في كل القطاعات والمجالات. ولا شك في أن خلف هذا التقدم الذي نراه للمرأة البحرينية، إيمان متجذر وراسخ، وتحديات وصعوبات تم تخطيها، وجهود جبارة تم صرفها حتى بلغ التقدم ما نراه اليوم، فلم يأتِ ذلك كله للمرأة البحرينية على طبق من ذهب، إنما هي مسيرة ممتدة للمرأة البحرينية ومشاركتها الفاعلة في المسيرة الوطنية. وفي الواقع، كنت أبحث عن نقطة تبين الدافع نحو هذا التصاعد المتسارع في مسيرة المرأة، حتى وقفت على تصريح لسمو الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة قبل 10 سنوات، لصحيفة «الحياة» اللندنية، حيث أفادت سموها حينها «أهمية مشاركة المرأة البحرينية في الحياة السياسية، بناء على دورها في الشأن العام والذي يعود إلى مرحلة ما قبل اكتشاف النفط في ثلاثينات القرن المنصرم»، ورفضت سموها اعتماد فكرة «الكوتا» كنظام أساس يعتمد لدخول المرأة المعترك السياسي، مؤكدة أن المرأة يجب أن تعتمد على ثقافتها وفوزها في خدمة مجتمعها ووطنها. وذلك أعادني إلى الفترة التي تزامنت مع انتخابات 2010، حيث كانت فكرة «الكوتا» رائجة بصورة كبيرة، ولعل حديث سمو الأميرة، شكل التحول الحقيقي، بالاعتماد على الإمكانيات والقدرات، والتعويل على الوعي المجتمعي، وضرورة الوصول بناء على الكفاءة، وبناء على تكافؤ الفرص بين الجنسين، باعتباره النهج الراسخ، بعيداً عن الحلول الوقتية التي لا تتناسب ومكانة المرأة في البحرين ودورها. نعم، لقد قدمت صاحبة السمو الملكي الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة درساً هاماً، بأن المجد لا يتحقق باتخاذ الحلول المؤقتة، أو الطرق السهلة، التي لا تؤدي إلى النتائج المتوائمة مع التطلعات والغايات، وهذه أدبيات تستحق أن توثق وأن تعطى كل اهتمام. لذا لم يكن مستغرباً أن يتم اختيار المجلس الأعلى للمرأة المؤسسة الفائزة بالجائزة الفخرية للتميز في مجال رعاية الأسرة العربية لعام 2020، والممنوحة من قبل الشبكة الإقليمية للمسؤولية الاجتماعية، فالمجلس يعتبر صرحاً متقدماً، ولعلك لا تجد جهة متخصصة تعنى بالمرأة، كالمجلس الأعلى للمرأة على المستوى الإقليمي والعالمي.