العربية نت

طال الزمن 76 سنة تقريبا، حتى شعرت بريطانيا أن الوقت حان لتكريم أميرة مسلمة تجسست لصالحها على النازيين بعد احتلالهم لفرنسا بالحرب العالمية الثانية، وقضت اعداما بالرصاص وهي تصرخ "حرية" بالفرنسية، فكرّمتها هيئة English Heritage ببعض الذي تستحقه، ومنحتها لوحة تذكارية مستديرة، تخصصها عادة لشخصيات شهيرة، عملت وأقامت في مبان بلندن، كشقة عاشت فيها مع عائلتها في شارع Taviton Street في حي "بلومسبيري" وسط لندن.

وأمس الجمعة، قام وفد من "هيئة التراث الإنجليزي" بتثبيت اللوحة الزرقاء اللون دائما، على جدار الشقة من الخارج، ليراها المارة على الرصيف، فيعلمون أن Noor Inayat Khan التي أقاموا لها تمثالا نصفيا في 2012 بحديقة في لندن، كانت شخصا مهما، أدى خدمات يستحق التكريم من أجلها، وأنها "أقامت هنا" في إشارة إلى الشقة التي يرتفع سعرها بمقدار ما كان الوارد اسمه في اللوحة مهما وشهيرا مثلها.



نعرف من اللوحة التي أصبحت واحدة من 950 تذكارية زرقاء في لندن وحدها، منها 14% مخصصة لتكريم نساء، أن من اسمها الكامل "نور النسا عنايت خان" ولدت في 1914 وتوفيت في 1944 وبأنها كانت عميلة باسم Madeleine السري في جهاز Special Operations Executive المعروف زمن الحرب العالمية الثانية بأحرف SOE اختصارا، أي أنها كانت جاسوسة.

أما المعلومات الكاملة عنها تقريبا، فنجدها في سيرتها المتوافرة "أونلاين" بعدد كبير من اللغات، كما في ما ألمت به "العربية.نت" من وسائل إعلام بريطانية، أتت أمس واليوم على خبر تكريمها، وذكرت أنها ولدت في موسكو لأب هندي وأم أميركية، وأمضت طفولتها في لندن قبل الانتقال إلى باريس مع عائلتها المتحدرة من أمراء سلالة مسلمة من الصوفيين المعروفون باسم Tipu Sultan في الهند، وأنها كانت تتقن الفرنسية كما الفرنسيين، وبدأت مسيرتها كمؤلفة كتب للأطفال، وحين احتل الجيش الهتلري باريس في 1940 فرت مع عائلتها إلى لندن.

من تأليف الكتب انتقلت للعمل على جهاز اللاسلكي بالجيش البريطاني، ثم انضمت إلى "منفذية العمليات الخاصة" التي أسسها رئيس الوزراء البريطاني آنذاك، ونستون تشرشل، فأرسلتها تسللا في 16 يونيو 1943 إلى فرنسا، حيث عاشت باسم "مادلين" وعملت سرا مع المقاومة الفرنسية، وفي الوقت نفسه كانت تسترق السمع والبصر لتعترض رسائل لاسلكية تبثها القوات النازية المحتلة، وتنقل مضمونها إلى جهازها في لندن، ثم انتهى بها الأمر بعد 5 أشهر إلى الوقوع بفخ خيانة منصوب، فاعتقلتها شرطة "غيستابو" السرية النازية وبدأت باستجوابها.

ولم تفصح عنايت عن أي معلومة كانت تعرفها لمن قاموا من "الغيستابو" بتعذيبها طوال 10 أشهر، من دون أن يفلحوا بانتزاع ما كانت تعلم، على حد ما تلخص "العربية.نت" ما حل بها، لذلك ملوا من المحاولات، ونقلوها إلى معسكر Dachau الجماعي في ولاية بافاريا بالجنوب الألماني، وفيه تعرضت للاستجواب والتعذيب ثانية طوال ليلة 12 سبتمبر 1944 بكاملها، وثانية لاذت بالصمت المؤلم وتحملت حتى أشرقت شمس اليوم التالي، وعندها مضى أحدهم إليها، وأنهى حياتها برصاصة حاسمة في رأسها.