أستمتع عندما أتجول راجلاً في الشارع الرئيس في المنطقة الدبلوماسية، خاصة في فترة الصباح. فالشارع يضج بالموظفين والمراجعين والمحامين «بحكم وجود مبنى وزارة العدل والمحاكم». ناس من كل أصناف البشر تطوف بهذا الشارع يبدو عليها الانشغال ولا تتوقف إلا لدقائق لشرب كوب قهوة من أحد المقاهي الإفرنجية التي تحيط به.

وهذا الشارع تحديداً يثبت أن البحرين مرنة جداً في التعامل مع مظهر وملابس الناس، فالقيود على اللبس والشكل تكاد تكون غير موجودة وذلك تطبيقاً لمبدأ الحرية الشخصية التي كفلها الدستور. لكن دائماً ما يكون هناك استغلال لهذه المرونة من قبل البعض يجعل المرء يتمنى أن يكون هناك تشديداً ولو طفيفاً على بعض الحالات وفي بعض الأماكن، خاصة المهمة والرسمية منها.

فالمتابع لحركة دخول وخروج المراجعين «والمحامين» لمبنى وزارة العدل المطل على الشارع يلحظ غرابة مظهر وهندام الكثير ممن يترددون على المبنى العريق الذي يضم أغلب محاكم البحرين ويعد رمزاً للسلطة القضائية أحد السلطات الثلاث لنظام الحكم. فمن بين كل فوج يدخل ويخرج من المبنى هناك مجموعة عددها ليس بسيطاً يصنف مظهرها وهندامها بغير لائق.

و«غير لائق» تعني من ناحية المظهر والهندام أن يلبس الرجل الثوب الوطني مع قبعة رياضية مثلاً أو أن تلبس المرأة العباءة المفتوحة التي تتطاير في الهواء وتظهر سروال رياضة ضيق جداً والمعروف باسم Leggings! «غير لائق» تعني بنطلون غير مرتب ونعال «زنوبة» أو تنورة تضغط الجسم وقميص حريري خفيف يبين أموراً كثيرة! وهكذا.

فإذا كان من يتردد على هذا المبنى لا يستوعب مدى أهميته وما يمثله من مكانة كبيرة فالمفروض تثقيفه وتوعيته فوراً. وبشكل عام، فإن وضع ضوابط للبس أو تفعيلها «إن كانت موجودة» لدخول جميع المباني الرسمية وتنبيه الجميع بأهمية الالتزام بها أمران في اعتقادي مهمان للغاية، فللمرونة والحرية الشخصية حدود.

ونعلم أن زيارة مدير في شركة أو وزارة تتطلب من المرء أن «يقشب» هندامه والظهور بمظهر رسمي محتشم، فلماذا التهاون باللبس والشكل إذا كانت الزيارة للمحاكم والتي قد تشمل الوقوف أمام القضاة؟!