كتب- إبراهيم الزياني: أكد خبراء استراتيجيون أن الانتقال إلى مرحلة الاتحاد الخليجي سيساهم في دعم الاستقرار الداخلي لدول مجلس التعاون، وسيعزز من قدراتها الدفاعية لمواجهة التهديدات الإقليمية. ولفتوا إلى أن العالم يتجه لاتحادات وتكتلات اقتصادية وسياسية، وأوضحوا أن الاتحاد أصبح ضرورة ملحة في ظل الأخطار المحدقة بالمنطقة وسيساهم في تنمية الاقتصاد وتلافي المعوقات أمامه. وأضافوا أن “دعوة خادم الحرمين الشريفين للانتقال إلى مرحلة الاتحاد والترحيب الذي لقيه من قادة المجلس يعبر عن إرادة سياسية حقيقة للاتحاد. جاء ذلك خلال ندوة نظمها أول أمس تجمع الوحدة الوطنية في مقره بعنوان “الاتحاد الخليجي وآثاره الإيجابية على البحرين والخليج العربي”. وقال السفير محمد المحميد المستشار السياسي في الأمانة العام لمجلس التعاون”إننا نعيش في عصر التكتلات السياسية والاقتصادية والتي تتطلب وجود اتحادات”، واعتبر أن الدعوة للاتحاد استجابة للتحديات والمخاطر التي تهدد المنطقة، كما تعكس نظرة مستقبلية واستجابة لطموحات وتطلعات شعوب دول المجلس. وأكد المحميد أن تحالفات دول مجلس التعاون مع الولايات المتحدة الأمريكية ودول غربية، وبرغم أهميتها، فإنها ليست الخيار الوحيد لدول المجلس، إذ تسعى لخيار آخر وهو الاتحاد الخليجي. وأشار إلى أن أهداف الاتحاد الخليجي هي تحصين دول المجلس وزيادة في استقرارها وأمنها، إضافة للحفاظ على مستويات مرتفعة في التنمية البشرية. وشدد المحميد على أن “التحديات التي يمر بها المجلس كبيرة، والأخطار الأمنية المحدقة بدول الخليج إقليمياً ودولياً وعلى رأسها التهديد والتسلح النووي الإيراني تجعل الاتحاد الخليجي ضرورة ملحة”. وأكد أن “الاتحاد سيساهم في عملية الإصلاح من الداخل، كما سيعمل على زيادة المشاركة الشعبية لدول المجلس”. التدرج في الاتحاد وكشف المحميد أنه ليس هناك ما يمنع من أن يتم الاتحاد الخليجي بين دولتين أو ثلاث وتلحق الدول الأخرى بعد ذلك، إذ أن بعض الدول ليست مستعدة بالكامل للاتحاد”. وأضاف أنه “على الرغم من التباين في التمثيل السياسي الداخلي لدول المجلس، إذ أن بعض الدول تملك مجلس أمة أو مجلساً وطنياً أو مجلس شورى. فإنه لن يعيق الاتحاد الخليجي، إذ إن لكل دولة سيادتها القانونية والدستورية”. وبين “أن كل الاتفاقيات والمعاهدات التي وقعتها البحرين أو الدول الخليجية الأخرى لا تستطيع التنصل منها بعد الاتحاد، إذ أن كل دولة ستحتفظ بشخصيتها القانونية”. واعتبر أن أقرب أنواع الاتحادات لمجلس التعاون هو الكنفدرالي، إذ يضمن استقلالية كل دولة ويحافظ على دستورها ويبقي جنسية مواطنيها، مبيناً أن الاتحاد سيشمل توحيد السياسات الخارجية والدفاعية الاقتصادية. وبين أن الوحدة الخليجية ستعزز السياسة الخارجية للدول وستظهر بتمثيل أقوى على الصعيد الدولي، واستشهد بمواقف مجلس التعاون في الأحداث التي مرت بها المملكة والربيع العربي، إذ برز دور المجلس بفاعلية وقوة في عدة مواضع، منها المبادرة الخليجية باليمن والتدخل العسكري في ليبيا والموقف من الأزمة السورية. مكاسب الاتحاد وكشف المحميد عن المكاسب التي سيجنيها الاتحاد منها: زيادة مساحة دول مجلس التعاون، إذ ستصل مساحة الدول 2.8 مليون كيلو متر مربع. كما سيصل عدد السكان لما يقرب 30 مليون مواطن”. وأضاف “لا شك أنه سيؤدي إلى توظيف الموارد البشرية الخليجية في نطاق الاتحاد”. كما إن المخزون النفطي للاتحاد الخليجي سيصل لحدود الـ 468 مليار برميل، كما سيبلغ الإنتاج 15 مليون برميل نفط يومياً”. وأضاف أن “الناتج القومي لدول المجلس سيصل لـ 1258مليار دولار سنوياً”. وذكر أن “من المشاريع المهمة للاتحاد الخليجي مشروع السكك الحديدية الذي يبدأ بالكويت ويمر بكل من البحرين وقطر والإمارات وصولاً إلى عمان وسينتهي في 2017، ويعتبر من المشاريع الحيوية والهامة جداً لدول المجلس”. واعتبر النموذج الأوروبي الذي يتكون من 27 دولة، مثالاً يحتذى به في الاتحادات الكنفدرالية على الرغم من الاختلاف في اللغات، إذ يصل عدد اللغات الرسمية بالاتحاد لـ 23 لغة. الاستقرار الداخلي ومن جانبه، قال خبير الدراسات الاستراتيجية الدولية وحوار الحضارات د.محمد نعمان جلال إن الاتحاد سيساهم في دعم الاستقرار الداخلي لدول الخليج، وسيعزز قدراتها الدفاعية لمواجهة التهديدات الإقليمية. كما سيساهم في تنمية الاقتصاد وتلافي المعوقات الاقتصادية. وأضاف أن الوحدة ستعزز القدرة على مواجهة مخاطر الإرهاب والجريمة المنظمة والاتجار بالبشر، إذ إن هذه الجرائم لا تتوقف عند حدود دولة معينة. ورأى أن التهديد الأمني سيؤدي بدول المجلس للانتقال لمرحلة الاتحاد، وهو نفس السبب الذي دعا لقيام المنظومة، لافتاً إلى أن العالم يتجه لاتحادات وتكتلات اقتصادية وسياسية، مستشهداً بتجربة الاتحاد الأوروبي واتفاقية التجار الحرة لشمال أمريكا “النافتا” ورابطة شعوب جنوب شرق آسيا “الآسيان”. واستعرض نعمان أنواع الاتحادات ومنها، الاتحاد الشخصي، والفيدرالي، والكنفدرالي وهو الأقرب لدول المجلس، مبيناً أنه يحفظ للدول المتحدة استقلاليتها وسيادتها وشخصيتها الدولية، إذ أن لكل دول قانونها ولا تستطيع تطبيقه على الدول الأعضاء، كما تصدر القرارات عادة بالإجماع ولا تنفذ داخل أية دولة إلا بواسطتها. تحديات أمام الاتحاد وذكر أن من التحديات التي تواجه دول “التعاون”، توحيد العملة الخليجية والتمثيل الدبلوماسي المشترك والحريات الأربع “الأفراد، والأموال، والتجارة، والخدمات”. إضافة لتحدي التوسع. وقال:«إن مجلس التعاون عندما قام رفض فكرة التوسع، لذلك قام بين دول متشابهة في النظام السياسي والعادات والتقاليد والتراث”، ولفت إلى أن التحديات والأخطار التي تمر بها المنطقة دعت المجلس للتفكير في التوسع ودعوة الأردن والمغرب للانضمام للمجلس، ودعا دول مجلس لتجاوز ما أسماه التفكير الديني الضيق، وهو التفكير بالمذاهب. التهديد الإيراني وقال أمين عام تجمع الوحدة الوطنية عبدالله الحويحي إن العوامل المشتركة بين دول المجلس أكثر منها في الاتحاد الأوروبي، إذ تشترك دول الخليج في اللغة والعادات والتقاليد والحدود المشتركة، إضافة لعدم وجود حروب ودماء سالت بينهم، وأضاف أن “من المخاطر الكبرى التي تواجهها دول المجلس هي التهديد الإيراني، ودعا لتسريع الحراك الشعبي في المطالبة باتحاد خليجي، بقوله:«يجب أن يكون للإرادة الشعبية دور ورأي في قضية الوحدة”.