سادت عقيدة «الوطن الأزرق» في الخطاب التركي العام بوتيرة أثارت المراقبين الإقليميين منذ 2019، وهي توسيع لنطاق نفوذ تركيا البحري بالمتوسط، وإيجه، والأسود، للوصول إلى الطاقة والموارد الاقتصادية الأخرى. وقد وصفت بأنها تركيا الكبرى التي تظهر أطماع أردوغان من البلقان للعراق، وهي إحياء خطة عدائية للهيمنة الإقليمية، ووراء الانتهاكات التركية في غياب رد فعل دولي، كل هذا يجعل المراقب الخليجي يتساءل عن موقع الخليج في عقيدة «الوطن الأزرق» التركية!

ويمكن أن يكون الجواب بالنفي، إذا تم وضع خط أحمر لـ «الوطن الأزرق». لكن يمكن أن يشمل الوطن الأزرق الخليج العربي بناء على اعتبارات عدة منها:

- أن الجيرة الجغرافية في العلاقات الدولية ليست ضرورة فقد سبق أن امتدت المستعمرات من أوروبا لتشمل آسيا وأفريقيا والأمريكيتين. لكن بشرط أن تتوفر لها «بحرية المياه الزرقاء» عبر أسطول قادر على التشغيل المستمر عبر المياه العميقة للمحيطات المفتوحة، وإظهار القوة خارج حدودها البحرية.

- نجاح أنقرة في تفعيل الاتفاقيات والقواعد العسكرية مع قطر وفي الصومال وترميم اتفاق استئجار جزيرة سواكن، وشمال العراق وسوريا والتقرب غير المؤكد حتى الآن من اليمن، مما يسهل الإحاطة التركية بالخليج.

- التطبيق المحكم لنظرية الجيوستراتيجي وضابط البحرية الأمريكية ألفريد ماهان Alfred ومفهوم أن قوى البحر تتفوق دائماً على قوى البر، فهي أكثر حصانة لإحاطة المياه بها، وهي تتحكم بحركة التجارة البحرية أثناء السلام والحرب لكن بشروط توفر ميزة التموضع الجغرافي، ومجتمع مولع بالبحر والتجارة وشواطئ مناسبة للموانئ وموارد وحكومة راغبة بالهيمنة على البحار.

- انتهاج تركيا شريعة ذئاب البحر وتقمص دور أشهر قادة الأساطيلِ العثمانية «بارباروسا أيْ ذي اللحيةِ الحمراءِ» -رحمه الله- والذي خلط بين أنشطة القرصنة والإغارة على الجزر والسفن الأوروبية، وتحرير السواحل الإفريقية من الاحتلال الإسباني وإنقاذ بعض مسلمي الأندلس.

* بالعجمي الفصيح:

في غياب شروط توفر «بحرية المياه الزرقاء» بحاملات الطائرات، لا يمكن لتركيا تنفيذ عقيدة «الوطن الأزرق» كما وضعها رئيس القوات البحرية التركية، «اللواء جهاد يايجي» بنهج «الفرد ماهان» ولايبقى لتشمل الخليج إلا بفكر «القرصان بارباروسا».

* كاتب وأكاديمي كويتي