قبل محرم ترجت وتوسلت وناشدت بمعنى الكلمة «الأوقاف الجعفرية» مجموعة من الشباب والخطباء أن يبقوا على الشعائر الدينية بالتباعد الاجتماعي، بل ناشد أطباء وممرضون وعاملون في الحقل الطبي أهلهم وإخوتهم بأن يرحموا تعبهم ويبقوا على التباعد حفاظاً على صحتهم وسلامة أهلهم، ولكن «مجموعة» أصرت على رأيها في التجمعات وحرضت مجموعات أخرى على عصيان الإجراءات الاحترازية بحجة أن الدولة تحارب راية «الحسين»!! ليس هذا فحسب، بل اتهموا من يعترض على تصرفاتهم من أهلهم بأنهم (مرتزقة) ويخونون آل البيت، وطال هذا الاتهام جميع من نصحهم.

وصدرت الفتاوى من المرجعية الإيرانية ووكلائها بالخروج والتجمع وعدم الإصغاء لتعليمات الدولة، فقامت المجموعة المرتهنة للمرجعية الإيرانية بالتهديد بالفوضى والتخريب إن لم يستجب لمطالبها والنتيجة هي ما نراه الآن، وبعد أن وقعت الفأس في الرأس قامت الأوقاف الجعفرية بالإعلان أن ما تبقى من شعائر سيقام عن بُعد وتلك المجموعة صامتة لا تعارض، لسبب بسيط أنها حققت أهدافها وانتهت، وأهمها إحداث الشرخ من جديد بين المجتمع البحريني بعضه بعضاً وبين الدولة والجماعات، وعودة البحرين إلى المربع الأول في تحديها للجائحة، إنهاك اقتصادي وإنهاك اجتماعي وسياسي!

كيف لهذه المجموعة أن تندمج وتنخرط في بناء الدولة؟ كيف ستترك جماعاتها كي تحسن من مستواها المعيشي لتتقدم لتعيش مع بقية أفراد مجتمعها في أمن وسلام وهذه المجموعة تعيد جماعتها إلى المربع الصفري في كل مرة؟

يؤسفنا أننا في دولة كل ما تقدمنا خطوة للأمام أصرت هذه المجموعة أن تعيدنا إلى المربع رقم صفر، في 2010 حققنا كثيرا من الإنجازات الاقتصادية والسياسية والمعيشية وقفزت أرقامنا بقوة، فجاءت هذه المجموعة وارتهنت بقرارها لتحريض إيراني وأحدثت زلزالاً بداية 2011 أعادنا إلى الوراء عشرات السنين، وتأثر اقتصادنا بقوة اضطررنا فيه إلى طلب الإعانات والاستدانة ثم بدأنا من جديد، وكافحنا خلال السنوات العشر من أجل أن نعيد ما هدمته تلك المجموعة في ثلاثة أشهر، وحين بدأنا نتنفس ونعيد ترتيب بيتنا اجتماعياً وسياسياً واقتصادياً، وبدأنا نسد العجوزات وندفع ديوننا ونقلص الفارق بين مصروفاتنا وإيراداتنا، جاءت الجائحة لتحطم العديد من إنجازاتنا، لكنها حدث عالمي جرى علينا وعلى غيرنا، ومع ذلك تكاتفنا وتعاونا ووضعنا يدنا في يد فريق وطني بالفعل حققت البحرين بجهده المعجزات في فترة زمنية قياسية بقيادة سمو ولي العهد الرجل الذي وثق بالبحرينيين وضم الجميع بلا تفرقة ولا تمييز ضمن فريقه ليثبت أن المجتمع البحريني إن توحد قادر على تحدي المستحيل، بل إنه جازف بالكثير من أجل لم الشمل وجمعه وخلق فريقاً وطنياً استطاع من خلاله أن يتفوق على العديد من الدول المتقدمة والعظمى في مواجهة تحدٍ دولي كبير، وكدنا أن نحتفل بنجاحنا لا في تصفير عدد الوفيات فقط بل صفرنا العديد من المحاجر والعديد من غرف العناية المركزة والأهم نجحنا في المرور من عنق الزجاجة اقتصادياً وكدنا نفتح مدارسنا لتعود حياتنا إلى طبيعتها، فإذ بذات الفتاوى الإيرانية تصدر وتقوم المجموعة التي تتبع ذات المرجعية بتحطيم تلك الإنجازات التي تعب في تحقيقها إخوتهم وأهلهم وتعيدنا من جديد إلى المربع الصفري وترمي كل تلك الجهود التي قام بها أهلهم وإخوتهم وناسهم وشعبهم في البحر!

هل تعتقدون أن المجموعة التي ترتهن للمرجعية الإيرانية ستترك شيعة البحرين ينعمون بالسلام والأمان؟ هل تعتقدون أنهم سيتركون البحرين تتفوق على إيران في مواجهة الجائحة أو في تعافي اقتصادها؟ هل تعتقدون أن إيران ستترك الشعب البحريني يتوحد وتذوب الحواجز بين طوائفه ويلتحم تحت راية وطنية واحدة؟

كيف لنا أن نتقدم و«مجموعات» صغيرة تقود «جماعات» كبيرة عكس اتجاه السير؟