بالرغم من الأرقام الصادمة والمؤلمة القياسية التي أصيب بها أكثر من 7000 مصاب منهم أكثر من 1400 طفل، إلا أن البعض مازال في حالة إنكار عجيبة وينادي بالكف عن لوم من تسبب بزيادة انتشار الوباء في الأيام الأخيرة لأن ذلك يتسبب في شرخ في النسيج الوطني ويعطل مشروع لم الشمل والوحدة الوطنية!!

النسيج الوطني قوي لولا «مجموعة» ارتهنت لفتاوى معروفة ومحددة المرجعية دون عن غيرها، ولم تعبأ بما قد يصيب جماعتها، زيادة انتشار الوباء تمت مع سبق الإصرار والترصد والعناد وعلى رؤوس الأشهاد، زيادة الأعداد أقر بأسبابها الفريق الوطني على لسان الدكتورة الفاضلة جميلة السيد التي أقرت أنها بسبب التجمعات أيام عاشوراء، والتي كانت ستمر سلاماً سلاماً لو أن الجميع التزام بالإجماع الوطني.

هل هناك حاجة لإثبات أن مقلدي علي خامنئي تحديداً ووكيله عيسى قاسم هم من قاموا بتحدي القوانين والخروج على الدولة؟ ذلك مصور صوتاً وصورة، ومواجهة هذه المجموعة بمسؤوليتها عن هذه الكارثة وعن آلام كبار السن والأطفال مسألة لاعلاقة لها بمعاكسة لم الشمل والوحدة الوطنية، بل بالعكس الدولة ستحمي الوحدة الوطنية أن هي كفت يد هذه المجموعة عن إيذاء البقية.

فمقلدو بقية المرجعيات الدينية الشيعية كانت ضد تصرفات هذه المجموعة، وحاولت المستحيل من أجل أن ثنيهم عن قرارهم ولكنهم لم يستجيبوا وهذه القصة التي حاول البعض لملمتها والسكوت عنها بحجة عدم التأثير على الوحدة الوطنية رغم أنها قضية أمن دولة وأزمة مستدامة تتوالد في كل يوم.

لاعلاقة لهذه الأزمة بأي معتقد ديني، لاعلاقة لها بالطائفة الشيعية، ولا علاقة لها بانقسام سني شيعي، لقد توحدنا سنة وشيعة في مواجهة هذا الوباء، الفريق البحريني منصهر بجدارة في بوتقة وطنية، لذلك نحن أمام أزمة دولة مترددة في التعامل مع مقلدي علي خامنئي قائد القوات المسلحة الإيرانية والتزامهم بتوصياته وآرائه الفقهية التي تتصادم مع استحقاقات القانون البحريني، وهذا هو نهج هذه المجموعة وبنفس الدور في العراق وفي لبنان وفي اليمن.

معظم المراجع الدينية الشيعية العربية تعمل على صهر المواطن الشيعي ودمجه وانخراطه في بناء دولته وتحافظ له على هويته العربية، وهذا ما نراه في البحرين عند الشيعة المقلدين للمراجع العربية، لا مشكلة لهم مع الدولة، ولكن المرجعيات الإيرانية تقحم مقلديها من العرب في صراعاتها السياسية مع الدول العربية بأنظمتها وشعوبها.

هذه أزمة لا يمكن المرور عليها أو تجاهلها أو القفز عليها دون أن تحدد الدولة موقفها منها، وبشكل يرسم معالم سياستها تجاه التعطيل المتعمد للاقتصاد في كل مرة، وتجاه تعطيل وعرقلة محاولات انصهار المجتمع بكل طوائفه في البوتقة الوطنية، فهذه المجموعة تترأس كسر القوانين وتحدي هيبة الدولة ولن تقنعها صور وبوسترات في الشوارع تنادي بالوحدة الوطنية أو نعتقد أنها ستتراجع حين (يحث) شباب السوشل ميديا على (تمثيل) حالة التململ والتأفف من التنبيه المتكرر لأسباب الأزمة، فهذا الاستخفاف لن يحل المشكلة.

الدولة بكامل أجهزتها مطالبة بإثبات قوة الدولة وحزمها واستعدادها على الحفاظ على مكتسباتها وعلى رأسها الوحدة الوطنية وعلى رأسها انخراط المجموعات الأكبر من المواطنين الشيعة في بناء الدولة وتلك مكتسبات لن نحافظ عليها ما لم يحجم أتباع علي خامنئي، ما حدث من تراخٍ في تطبيق القانون هو ما سمح لهذه المجموعة أن تتمدد.

فمجموعات خامنئي تجس النبض في كل مرة لترى مصداقية الدولة ودرجة التزامها بتطبيق القانون، فإن رأت ارتخاء تمددت، هذه المجموعات لا تعنيها تلك اللوحات المعلقة في الشوارع ولا نداءات السوشل ميديا بالوحدة والحب وحلم (اللا لا لاند) هذه مجموعات تأتمر بقائد القوات المسلحة الإيرانية بدعوى وغطاء ديني، إنهم في حالة حرب مع الدولة العربية بشكل عام والبحرين بشكل خاص والتعاطي معهم يستلزم الجدية التامة وعدم التراخي أو التهوين من خطرهم، لا من أجل الدولة وسلامتها فحسب بل من أجل شيعة البحرين الذين يريدون أن يكونوا مواطنين مساهمين في الدولة ومرجعيات دينية شيعية عديدة تشجعهم وتدعو لانخراط الشيعة في عمليات بناء الدول العربية، غالبيتهم يريدون أن يكونوا ضمن فريق البحرين في كل موقع مسؤول في هذا الوطن والعديد منهم الآن نجوم في هذا الفريق ولكن تلك «المجموعة» لن تتركهم، وتلك المجموعة لم ولن تدعهم يشاركون في البناء، ومالم تحمِ الدولة المواطنين كافة من تلك المجموعة بتطبيق القانون عليها بحزم وبلا تردد فإنهم لن يتراجعوا، الدولة لابد أن ترسل رسالة للمجتمع الدولي ولإيران وللمواطنين أنها مسؤولة عن حمايتهم من هذه المجموعة، فلا نخسر مكتسبات تحققت بسبب أحلام لن تحقق.