ها نحن نمر بموجة ثانية من موجات تفشي وباء (كوفيد19)، وهذه المرة لم يكن السبب خفض إجراءات الإغلاق الداخلي، أو الانفتاح على الخارج، إنها أسباب اجتماعية ناتجة عن استهتار مجموعة من المواطنين بمسؤوليتهم تجاه الآخرين الذين يشاركونهم الوطن، وأمام الجهود الجبارة التي بذلها الفريق الوطني للتصدي للوباء، نجد أنفسنا كأننا عدنا إلى نقطة البدء من جديد. إنه أمر يدعو فعلا للأسف.

لم يعد الوضع مقبولاً على مستوى الدولة أو الأفراد، أن تستمر حالة الإغلاق الجزئي أكثر من ذلك. نحن على أعتاب تخطي ثمانية أشهر كاملة من إغلاق النسبة الكبرى من المحالّ التجارية، والمطاعم، وخدمات الفنادق، والسفر، والتعليم. خسائر الأفراد والدولة تجاوزت الخطوط الحمراء، وبدأ الناس يتململون من حالة العزلة والتباعد. وقرارات الدولة في اتجاه تخفيض القيود المفروضة على الحياة الاجتماعية والاقتصادية هو قرار حكيم؛ إذ أفلس العديد من المشاريع التجارية وبعضها صار على حافة الإفلاس، ولن تستطيع الدولة الاستمرار في تعويض المتضررين، لذلك لا بد من عودة الحياة إلى طبيعتها، ودفع عجلة الاقتصاد إلى ما كانت عليه، ولكن لا يمكن المضي في هذا الاتجاه دون أن يستشعر كل فرد منا مسؤوليته تجاه المجتمع وتجاه الآخرين وتجاه الوطن.

إن حالة الاستهتار التي سادت المجتمع لظروف اجتماعية وعقائدية تحول دون عودتنا إلى ممارسة حياتنا الطبيعية، التي هي ممارسات ضرورية وليست شكلاً من أشكال الترف، فعودة المدارس إلى وضعها الطبيعي ضرورة تربوية وتنموية، وعودة افتتاح المطاعم وقطاع السياحة بكامل نشاطاته ضرورة اقتصادية مؤثرة على مستقبل البلد واستقراره.

ولذلك، عندما نلتزم، نحن، بالتباعد الاجتماعي، وتتضرر حياتنا الاجتماعية والاقتصادية، في سبيل دعم جهود الدولة لحماية المواطنين من خطر تفشي وباء كورونا. فمن حقنا أن نغضب حين نرى فئات أخرى تتحدى التعليمات والاحترازات الدولية، وتستهتر بالصالح العام من أجل عمل ما يحلو لها. من حقنا أن نغضب ونحن نتابع تصاعد حالات الإصابة والوفيات، ومن حقنا أن نغضب ونحن نرى الدولة تتراجع عن تخفيف القيود الاجتماعية والاقتصادية، بسبب عدم إحساس البعض بالمسؤولية الاجتماعية.