تبين إحصائيات تقرير الاستقرار المالي الصادر عن مصرف البحرين المركزي أن حجم معاملات المحافظ الرقمية في ارتفاع مستمر خلال السنوات الماضية، فقد سجل نمواً قوياً في الربع الأخير من عام 2019 بمعدل «1004.6%» بالمقارنة مع الفترة نفسها للعام 2018، إذ وصل إلى حوالي 3.5 مليون معاملة بقيمة 195.8 مليون دينار، ويأتي ذلك نتيجة الاستمرارية في تطوير الخدمات المصرفية، وارتفاع نسبة انتشار الهواتف المحمولة في البحرين.

ولكن ما كيفية استخدام العملاء لهذه المحافظ الرقمية في حياتهم اليومية؟ تبين الأرقام تفاوتاً كبيراً في مستويات الاستخدام بين خدماتها، حيث إن أغلب العملاء يستخدمون المحافظ الرقمية كوسيلة للتحويل الفوري بين الحسابات البنكية وبدرجة أكبر من باقي خدماتها الأخرى وهي تسديد الفواتير والتحويل غير الفوري والدفع في المتاجر.

ويمكن ملاحظة ذلك بسهولة من خلال النظر إلى كثافة التحويلات الفورية في فترة أزمة كورونا (كوفيدـ19)، كونها وفرت حلولاً فورية للتعامل مع الظروف الناشئة، فقد أشارت البيانات المنشورة لتطبيق «بنفت بي» إلى أن قيمة معاملات التحويل عبر «فوري بلس» قفزت من 321 مليون دينار خلال عام 2019 إلى 879 مليون دينار بنهاية الشهر السابع من عام 2020 ما نسبته «173%»، بينما ارتفعت قيمة معاملات تسديد الفواتير والتحويل غير الفوري بنسبة «101%» و»10%»، على التوالي في النصف الأول لعام 2020 حسب بيانات المصرف المركزي.

أما بالنسبة لاستخدام المحفظة الرقمية كوسيلة دفع في المحلات عن طريق مسح رمز الاستجابة السريعة «QR code»، فهو حالياً الخدمة الأبطأ نمواً والأقل تأثراً بالأزمة من غيرها إذا ماقورنت بالخدمات المذكورة آنفاً. فرغم التنافس القوي بين مزودي خدمات المحفظة الرقمية على جذب أكبر عدد من المستخدمين والتوسع في إتاحة خدماتهم في محلات البيع، بالإضافة إلى تصريحات منظمة الصحة العالمية بخصوص التوجه للمدفوعات اللاتلامسية لإمكانية انتقال فيروس كورونا (كوفيدـ19) عن طريق لمس العملات الورقية أو أجهزة نقاط البيع الملوثة.

وللتوضيح بالأرقام حجم الفرق بين استخدام البطاقات المصرفية والمحمول نشير إلى البيانات المأخوذة من مصرف البحرين المركزي عن إن إجمالي عدد عمليات نقاط البيع بواسطة المحفظة الرقمية «QR» خلال فترة النصف الأول لعام «2020»بلغ 621.227 عملية، فيما تجاوز عدد العمليات بواسطة بطاقة الدفع .337 مليون معظمها في قطاع المطاعم وأسواق السوبرماركت والمتاجر والملابس والأحذية والخدمات الحكومية.

وبالتالي يبرز السؤال هنا: ما هي أسباب الابتعاد عن استخدام الهواتف المحولة للدفع في المحلات؟ رأت عدة دراسات أن تقبل المستهلكين لخدمات الدفع اللاتلامسية يصعب عند عدم إدراك فائدتها، وعدم معرفة استعمالها، وعدم الشعور بالارتياح والأمان من استخدامها.

من كل ما سبق نخلص إلى أن اعتياد النسبة الأكبر من الناس على بطاقات الدفع كوسيلة أساسية وسهلة الاستخدام يزيد من صعوبة المنافسة أمام مزودي خدمات الدفع بالهاتف المحمول خاصة في القطاعات الاستهلاكية والمشتريات الضروية واليومية، ولمواجهة ذلك عليهم وضع استراتيجية تسويقية وخطة تطويرية وتثقيفية بناء على نتائج دراسات العوامل المؤثرة في نية المستهلك تجاه استخدام تطبيقات الهاتف المحمول وسلوك الدفع في نقاط البيع.