جملة أذهلتني وصدمتني من أحد الأشخاص الذين عرفت فيه «وسوسته» و «خوفه» من الأمراض منذ أمد بعيد، فعندما يرى أمامه عيادة أو مستشفى وهو يقود سيارته ينظر للجانب الآخر، وحينما تُذكر أمامه أمراضاً أو حتى أسماء أدوية وعلاجات يرد بسرعة: «أعوذ بالله»، وحينما يرى طبيباً يجفل ويخاف ويرتعب!

والقصة بدأت حينما سألته عن رأيه في موضوع اللقاح، وشجاعة كثيرين أقبلوا عليه، وهل سيقدم على الخطوة تجنباً للإصابة بفيروس كورونا، رد علي بالقول أعلاه!

كيف لك أن تحكم بهذه الطريقة؟! كيف لك أن تساوي الفيروس بلقاح يفترض أنه علاج له، أو حائط صد مناعي ضده؟! سألته وأنا مندهش من «الجزم» بالنتيجة في إجابته!

ألم تسمع ما ينشر في القنوات؟! ألا تقرأ الأخبار؟! كثيرون حذروا من اللقاحات، بل كثيرون حذروا حتى من لبس الكمامات، كورونا لن يزول بهذه الطريقة! هكذا أجاب.

هذا نموذج لأشخاص تجدون «السلبية» و «القلق» و«انعدام الثقة» صفات متأصلة فيهم، وهي جميعها لها أسباب في الأغلب نفسية جاءت نتيجة لعوامل عديدة، لكن أخطرها اليوم هي تلك المتمثلة بالانسياق وراء التصريحات المنفلتة الساعية وراء الإثارة والشهرة ربما، وأيضاً وراء الإشاعات التي هدفها فرض القلق الدائم على البشر.

كل الأمراض في تاريخ البشرية وجدت لها أدوية وأمصال ولقاحات، وكلها كانت نتيجة لجهود المختصين والعلماء والأطباء، وجاءت نتيجة عمليات مضنية وطويلة من العمل والاختبارات والتجارب، فأي علاج تراه أمامك اليوم لم يوجد اعتباطاً، ولم ينتج للإضرار بالبشر.

بالتالي اللقاح الذي تجري البحرين الاختبار عليه، وتطوع لتلقيه مئات تقدمهم سمو ولي العهد نفسه، وتبعه وزراء ومسؤولون ومواطنون كثر، لم يطرح إلا بعد التأكد من سلامته على الناس، وقدرته على حمايتهم، ولذلك من يتعاطاه سيكون متحصلاً على أفضلية مناعية للتصدي لهذا الفيروس.

المشكلة تكمن بأن بعض الناس مازالوا قلقين ويتشككون، ويتركون التصريحات الرسمية من الجهات المعنية داخل البلد التي تعمل لأجل سلامتهم، ويوجهون انتباههم وأسماعهم لما ينشر في وسائل التواصل الاجتماعي، أو لما تتناقله القنوات الأجنبية من تصريحات لا تتوقع لشخصيات بعضها يبحث عن الإثارة والجدل فقط.

النصيحة لصاحبنا ومن مثله أن ينظر لداخل بلده، أن يثق بفريق البحرين الطبي، أن يتابع توجيهاتهم وإرشاداتهم، وأن يتفاعل إيجابياً مع الخطوات التي تتخذ، وهنا حينما نتحدث عن اللقاح، من المهم تكثيف التوعوية الإعلامية بشأنه، لا عبر فقط ذكر الأرقام وإبراز الشخصيات التي تطوعت مشكورة لتلقيه ولتقدم نموذجاً محفزاً للآخرين، بل مهم كشف نتائجه بالأرقام، وكيف تشكلت الأجسام المضادة، وكيف أنه آمن على الأشخاص، وكيف أن من تلقاه لم يصب بالفيروس بعدها، إذ هذه الأمور تشجع الناس وتحفزهم للإقدام على هذه الخطوة، اجعلوا هذه الأمور أمام أعينهم وفي آذانهم كل لحظة وعبر كل الوسائل المتاحة.

في ظل ما حصل مؤخراً من ارتفاع لأرقام الإصابة، بات أخذ اللقاح أحد الحلول اللازمة لحماية الناس من خطر هذا الفيروس، وعليه قلت لصاحبي: بل من لا يأخذ اللقاح، هو من يقول للفيروس مخاطراً: «أهلاً وبالأحضان»!