عندما نستمع لخطابات جلالة الملك حفظه الله ورعاه، ندرك أن المواقف تأتي سلسة وواضحة، لا غبش ولا لبس فيها، فهي تتضمن المواقف الثابتة، وتبيان الرؤية فيها، ووضع الاستشرافات المستقبلية، أو الحلول الجذرية، من أجل بلوغ مصلحة محددة وطنية أو إقليمية أو عالمية.

وعلى ذلك جاءت كلمة جلالة الملك حفظه الله، لدى تفضله بإلقائها مساء أمس الأول، خلال أعمال الدورة الخامسة والسبعين لانعقاد الجمعية العمومية للأمم المتحدة في نيويورك، والتي جاءت وافية وشاملة، ومتضمنة لكل المستجدات السياسية والدبلوماسية والاجتماعية، وتبيان مواقف مملكة البحرين بشكل واضح إزاء تلك المستجدات والملفات، وفي ذلك تعبير دقيق ومباشر عن رؤية مملكة البحرين، ومواقفها الراسخة.

ولعل أهم ما لفت انتباهي في خطاب جلالة الملك المفدى، تبيان «المواقف بشكل حاسم»، إزاء العديد من القضايا، ففي ملف السلام جاءت كلمة جلالته مؤكدة على موقف المملكة من إشاعة لغة السلام والاستقرار والأمن لدول وشعوب المنطقة، وفي مجال العلاقات الاستراتيجية، جدد جلالته التأكيد على أن «نهج بلادنا الثابت الوقوف مع الشقيقة الكبرى «المملكة العربية السعودية» في جميع المواقف وفي كافة الظروف»، وفي الموقف من القضايا العربية والإسلامية المصيرية أكد جلالته «مساندتنا التامة للجهود المتواصلة لجمهورية مصر العربية الشقيقة في ترسيخ الأمن والاستقرار الإقليمي لمساعيها السلمية الجادة، والتي منحت الأمل للشعب الليبي الشقيق».

أما عن رسالة البحرين الأهم، فقد وضعها جلالة الملك المفدى كمعادلة بين يدي دول العالم من أجل تحقيق «نجاح المجتمعات وازدهارها» عبر «استتباب الأمن والاستقرار»، ودعوة جلالته لتسريع الجهود من أجل تحقيق ازدهارنا الإنساني من خلال تقوية مجالات التضامن والتوافق تحت مظلة الأهداف العالمية، وهي بحق المعادلة الأسمى التي لو وجدت طريقها نحو التطبيق الكامل، لكانت الدول والمجتمعات أمام واقع ومستقبل أكثر إشراقاً.

* كلمة فصل!

أمام الجدالات الواسعة في الأيام الأخيرة، جاءت مضامين كلمات جلالة الملك لتبين بشكل جلي أن البحرين لا تغض الطرف عن ثوابتها التي طالما أعلنت عنها تجاه القضايا العربية والإسلامية، وفي مقدمتها قضية فلسطين، فكان حديث جلالته كلمةَ فصلٍ، بالتأكيد على أن البحرين ثابتة أمام دعوتها لـ «قيام الدولة الفلسطينية المستقلة، وعاصمتها القدس الشرقية، استناداً إلى قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية».