تولي السلطة التنفيذية تقارير ديوان الرقابة المالية أهمية خاصة للتعامل مع الملاحظات والمخالفات الإدارية الواردة فيها فقد عمدت من خلال منهجية التعامل الجديدة التي تم تكريسها ابتداءً من تقرير ديوان الرقابة المالية للعام (2012 – 2013) إلى إرساء قواعد ومعايير ثابتة للتعامل مع جميع التقارير التي ستصدر حيث اتسم التعامل مع التقرير السابق بالتجاوب الحاسم والعملي المفصل للملاحظات والمخالفات التي تضمنها باتباع مسارين في التعامل الأول قانوني والآخر إجرائي؛ فأحالت الحكومة القضايا ذات الشبهة الجنائية إلى السلطة القضائية التي لها قول الفصل في المخالفات المحالة إليها. فبالوصول إلى مرحلة إحالة القضايا للسلطة القضائية يكون دور السلطة التنفيذية في التعامل مع التقرير قد انتهى، مع أخذ الحكومة دورها في تقرير الجوانب الرقابية في أجهزتها المختلفة.
وتحرص السلطة التنفيذية على أن يكون تفعيل دورها قبل مرحلة إحالة القضايا ذات الشبهة الجنائية إلى السلطة القضائية بشفافية وموضوعية ومهنية لتطبيق الخطوات المطلوبة تجاه تقرير ديوان الرقابة المالية بحزم وجدية لتحقيق أهداف مكافحة الفساد بحسم وفاعلية بهدف الحفاظ على المال العام والتوظيف الأمثل لكافة الموارد المالية والفنية والبشرية، وهو الأمر الذي ستستمر عليه الحكومة وبنفس الوتيرة والاهتمام والتفاعل الجاد مع مضمون تقرير ديوان الرقابة المالية والإدارية لمعالجة الملاحظات الواردة فيه لهذا العام.

وتشكل هذه المرحلة من التعامل مع تقرير ديوان الرقابة المالية والإدارية أساساً صلباً يبنى عليه في معالجة التقرير الصادر مؤخراً عن ديوان الرقابة المالية والإدارية وتقاريره المقبلة عبر الآلية المنظمة والواضحة المعالم التي تعتمد الفاعلية في تناول جميع نواحي التقرير وعدم إغفال أي من تفاصيله لعدم تكرار أي من المخالفات مهما كانت بسيطة و الوقوف على أسبابها بما يضمن معالجتها و عدم استفحالها.

بداية التعامل مع التقرير الحالي

لقد أكد صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء الموقر بداية هذا العام بعيد تسلم الحكومة تقرير الرقابة المالية والإدارية 2013/ 2014 على ضرورة استمرار الرقابة الذاتية والتدقيق الداخلي الحكومي في الوزارات والأجهزة الحكومية لحفظ المال العام من الهدر والتحقق من سلامة ومشروعية إدارته، ووجه سموه جميع الوزارات والأجهزة الحكومية بالمسارعة في تصحيح مكامن الخلل والقصور التي كشفها تقرير ديوان الرقابة المالية والإدارية (2013/ 2014)، وكلف سموه اللجنة التنسيقية برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد نائب القائد الأعلى النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء بالتحقيق في الملاحظات الجوهرية والتوصيات التي أوردها ديوان الرقابة المالية والإدارية في تقريره السنوي 2013/ 2014 وفق الآلية التي تم استحداثها أثناء مراجعة تقرير ديوان الرقابة المالية والإدارية السابق ومتابعة ذلك من خلال وزير شئون المتابعة.

ومن منطلق حرص الحكومة الفعلي على مراقبة المال العام وسبل صرفه حفاظاً عليه من الهدر غير المبرر أو شبة الفساد التي تشوبها فقد ضمَّنت برنامج عملها (2015 – 2018) بنداً مهماً متعلق بحوكمة أدائها وتعزيز الرقابة الداخلية لمؤسسات الدولة، والذي اعتبره مراقبون ضماناً لعدم تكرار المخالفات في تقرير الرقابة المالية والإدارية أو الحد منها بشكل كبير.

وقد اتبعت الحكومة في تعاملها مع تقرير الرقابة المالية والإدارية السابق أسساً منهجية تمثلت في وضع تصنيف واضح لما ورد فيه من ملاحظات وذلك بحسب معايير إدارية وقانونية محددة في مسارات ثلاث تضمنت 404 ملاحظة إجرائية لاتخاذ الإجراءات المناسبة حيالها و33 ملاحظة تطلبت تشكيل لجان تحقيق داخلية و 25 شبهة فساد أحيلت إلى الإدارة العامة لمكافحة الفساد و الأمن الاقتصادي والإلكتروني بوزارة الداخلية.

تعامل جديد مع التقرير السابق

إن بداية التعامل الحكومي بنهج خاص وجديد مع تقارير ديوان الرقابة المالية والإدارية كانت من صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء الموقر حين كلف في الأول من ديسمبر 2013 اللجنة التنسيقية برئاسة صاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير سلمان بن حمد آل خليفة النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء وعضوية نواب رئيس مجلس الوزراء بالتحقيق في موضوع الملاحظات التي وردت في تقرير ديوان الرقابة المالية والإدارية لعام (2012 – 2013)، ووجه سموه كافة الوزارات والجهات المعنية إلى التعاون في هذا الشأن وهو الأمر الذي لاقى الترحيب من الجميع وأسس لتوجهٍ جديد اعتمد تعزيز الفاعلية في التعامل مع مثل هذه التقارير. والذي على أثره بدأ سمو ولي العهد النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء في الانطلاق بالمرحلة الجديدة نحو الهدف المرسوم لها عبر توجيهاته ومتابعته الحثيثة لكل ما ورد في التقرير وتدارسها من خلال اجتماعات اللجنة التنسيقة التي يرأسها سموه؛ ففي الثالث من ديسمبر من عام 2013 وجه سموه نواب رئيس مجلس الوزراء والوزراء بمراجعة كل الملاحظات المتعلقة بالوزارات والجهات الحكومية كما وردت في تقرير ديوان الرقابة المالية والإدارية وإعداد الردود والخطة التنفيذية لمعالجة أوجه القصور وإفادة وزارة الدولة لشؤون المتابعة بذلك في موعد أقصاه 19ديسمبر 2013.

وقد خلصت اجتماعات اللجنة التنسيقية إلى عدد من القرارات الهامة التي حددت ملامح عمل اللجنة الجاد والموضوعي والمنهجي خلال المراحل المختلفة المحددة لها كان أولها تكليف صاحب السمو الملكي ولي العهد نائب القائد الأعلى النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء اللجنة الوزارية للشؤون القانونية بإبداء الرأي القانوني في عدد من التجاوزات المالية والإدارية الواردة في تقرير ديوان الرقابة المالية التي تستوجب المحاسبة والمساءلة، كما قررت اللجنة في ذلك الاجتماع تشكيل فريق عمل لمراجعة وتدقيق المخالفات والملاحظات الواردة في التقرير، وتفعيل مقترح إنشاء جهاز للتدقيق الداخلي بوزارة المالية وتحويلها لنائب رئيس مجلس الخدمة المدنية لاتخاذ الإجراءات المناسبة للتنفيذ، وتكليف جميع اللجان الوزارية بمراجعة واقتراح السياسات التي تخص الرقابة والتدقيق.

وخلال اجتماعات اللجنة التنسيقية شدد صاحب السمو الملكي ولي العهد نائب القائد الأعلى النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء على أن تفعيل مبادئ المحاسبة والشفافية مرتكز هام في المشروع الإصلاحي لحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى حفظه الله ورعاه، فيما يؤكد حرص اللجنة على التعامل مع الملاحظات الواردة في التقرير لاتخاذ الإجراءات المناسبة بموضوعية ومسؤولية تجاه ما تضمنه التقرير، وبما يكفل تحقيق أهداف مجلس الوزراء برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس مجلس الوزراء وقراره بمتابعة المخالفات والتجاوزات وتصحيحها وضمان عدم تكرارها، وأهمية الحفاظ على المال العام وحمايته من خلال حسن إدارة الموازنات وأوجه صرفها.

وتفاعلاً مع اللجنة التنسيقية كانت ردود الجهات الحكومية جاهزة للتسليم خلال المهلة التي حددها سمو ولي العهد في التاسع عشر من ديسمبر 2013 و تم على إثر ذلك وبعد الاطلاع على تقرير اللجنة الوزارية للشؤون القانونية إصدار التوجيهات من صاحب السمو الملكي ولي العهد نائب القائد الأعلى النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء بتحويل الملفات التي تحتوي على عددٍ من التجاوزات المالية والإدارية الواردة في تقرير ديوان الرقابة المالية إلى النيابة العامة بالتعاون مع جهاز الجرائم الاقتصادية بوزارة الداخلية، وإيقاف عدد من الخاضعين لإجراءات التقاضي عن العمل في القضايا المنظورة أمام المحاكم وفق الاجراءات الإدارية والقانونية المتبعة بالأجهزة الحكومية، وبدء التحقيق الداخلي مع عدد من المعنيين بشركة مطاحن الدقيق وغرفة البحرين للمنازعات حول بعض المخالفات الواردة في تقرير ديوان الرقابة .

وأشار سموه لدى ترأسه اجتماع اللجنة التنسيقية في 24 ديسمبر 2013 إلى أن التعامل مع المخالفات والملاحظات الواردة في تقرير ديوان الرقابة المالية والإدارية مع استلام ردود الوزارات على ما ورد في التقرير سيتخذ مسارين الأول قانوني والآخر إجرائي، مشدداً سموه على ضرورة تنفيذ جوانب إجرائية حول المخالفات والملاحظات الواردة في التقرير غير ذات الشبهة الجنائية ومراجعة واعتماد السياسات المتعلقة بالرقابة والتدقيق وتطبيق إجراءات جديدة لتفادي تكرار الملاحظات التي ترد بتقارير ديوان الرقابة.

وأكد صاحب السمو الملكي ولي العهد نائب القائد الأعلى النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء الحرص على التعامل مع الملاحظات الواردة في التقرير لاتخاذ الإجراءات المناسبة بموضوعية ومتابعة المخالفات والتجاوزات وتصحيحها وضمان عدم تكرارها بما يتسق مع جهود الحكومة برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء الموقر لتعزيز الأداء والعمل على تشديد الإجراءات الرقابية في الوزارات ومؤسسات الدولة حفظاً للمال العام وضمان صحة الممارسات الإدارية فيها.

إحالة مخالفات إلى "الفساد والأمن الاقتصادي"

وقد وجه سموه في منتصف شهر يناير 2014 بإحالة مخالفات ورد ذكرها في تقرير الرقابة المالية والإدارية تخص عدد من الجهات الحكومية إلى الإدارة العامة لمكافحة الفساد والأمن الاقتصادي والإلكتروني بوازرة الداخلية، وقد أطلعت اللجنة التنسيقية على تقرير وزارة الدولة لشؤون المتابعة حول تصنيف الملاحظات الواردة في تقرير ديوان الرقابة المالية والإدارية وذلك بناءً على تكليف اللجنة لها، حيث اعتمد في هذا التصنيف معايير إدارية وقانونية .

واستمرت اللجنة في متابعة ما تم إنجازه من قبل إدارة مكافحة الفساد والجرائم الاقتصادية بوزارة الداخلية وشملت شبهات الفساد الخمسة والعشرين عدداً من الجهات موزعة على وزارة شؤون البلديات والتخطيط العمراني وشركة ألمنيوم البحرين (ألبا) وشركة البحرين لمطاحن الدقيق وغرفة البحرين لتسوية المنازعات وشركة نفط البحرين (بابكو) ووزارة الأشغال ووزارة الإسكان .

وقد تم التحقيق من قبل إدارة مكافحة الفساد والأمن الاقتصادي والإلكتروني بوزارة الداخلية للتحقق قبل تحويلها للنيابة العامة. وقد تم التوصل في إطار المتابعات الدقيقة بأن 235 ملاحظة من مجموع الملاحظات الإجرائية البالغة 404 تم التعامل معها، وأما بالنسبة للملاحظات المحالة إلى اللجنة الوزارية للشؤون القانونية وبعد التدقيق فيها تبين أن 14 ملاحظة تتطلب خطوات تأديبية و 19 تطلبت إجراءات تصحيحية في حين أن الملاحظات الخمسة وعشرين ذات الشبهة الجنائية التي عملت الإدارة العامة لمكافحة الفساد والأمن الاقتصادي والإلكتروني على التحقيق فيها قد تم الانتهاء من الدراسات اللازمة لها وإحالتها إلى النيابة العامة لاتخاذ الإجراءات اللازمة .

وفي إطار متابعات صاحب السمو الملكي ولي العهد نائب القائد الأعلى النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء لمسارات التدقيق على الملاحظات قام سموه في منتصف يناير من العام الجاري بزيارة ميدانية للإدارة العامة لمكافحة الفساد والأمن الاقتصادي والإلكتروني بوزارة الداخلية إذ أكد سموه على أهمية تعزيز أطر النزاهة والشفافية كضرورة لحفظ مكتسبات الوطن ومواصلة التقدم فيها بخطى ثابتة. كما شدد سموه على ضرورة الشراكة بين جميع الأجهزة والسلطات وديوان الرقابة المالية والنيابة العامة والمجتمع المدني والإعلام في مجال العمل على تثبيت مبادئ المحاسبة والشفافية. وتطرق سموه إلى أثر الشراكة الفاعلة بين الأجهزة التشريعية والتنفيذية والقضائية وديوان الرقابة المالية والإدارية والنيابة العامة والمجتمع المدني والإعلام في العمل على تثبيت مبادئ المحاسبة والشفافية .

وفي فبراير 2014 عقد وزير شؤون المتابعة محمد المطوع مؤتمراً صحفياً تحدث فيه مع المقدم بسام المعراج المدير العام للإدارة العامة لمكافحة الفساد والأمن الاقتصادي والإلكتروني عن آخر التطورات حول التحقيقات والإجراءات المترتبة على نتائج التقرير وإلى أين انتهت عملية التحقيقات في المخالفات المحالة إلى الإدارة العامة لمكافحة الفساد والأمن الاقتصادي والالكتروني بوزارة الداخلية وغيرها من الجهات ذات العلاقة بهذه القضية وتمت مراجعة ردود الوزارات والجهات المعنية وحصر جميع البيانات والوثائق الناقصة لكل التوصيات الواردة في التقرير، وذلك تمهيدا لمخاطبة الوزارات لإكمال المطلوب.

وأوضح الوزير في المؤتمر الصحافي أنه تم فرز الملاحظات وحصر المتكرر منها وتحديد متطلباتها من تغيير في الأنظمة أو التشريعات أو تحديد المسئوليات أو تعديل في الصلاحيات أو تمكين وتدريب الكوادر أو تعزيز الرقابة الداخلية، تمهيداً لوضع المقترحات اللازمة لعلاجها وتفادي تكرارها في السنوات القادمة.

وقد تم طوال شهر مارس وأبريل 2014 متابعة لجان التحقيق الداخلية والملاحظات التي تتطلب إجراءات تصحيحية، وعلى إثر ذلك تم رفع مذكرة إلى مجلس الوزراء الموقر في جلسته المقررة بتاريخ 15 يونيو 2014 حول ما انتهت إليه اللجنة التنسيقية بشأن متابعة تنفيذ توصيات ديوان الرقابة المالية والإدارية والإجراءات التي اتخذت للتعامل مع الملاحظات والمخالفات التي وردت في التقرير .

وفي 20 نوفمبر 2014 قدم وزير شئون المتابعة محمد المطوع إلى صاحب السمو الملكي ولي العهد نائب القائد الأعلى النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء تقرير اللجنة المعنية بمتابعة ملاحظات تقرير ديوان الرقابة المالية وعرضاً بشأن نتائج عمل فريق مراجعة الإجراءات المتعلقة بتنفيذ توصيات تقرير ديوان الرقابة المالية والإدارية الأخير، حيث كشف عن نتائج المتابعة للملاحظات الواردة في التقرير والتي تستدعي اتخاذ إجراءات إدارية.

إن تأكيد الحكومة على لسان سمو رئيس الوزراء بعيد تسلمها لتقرير هذا العام على ضرورة استمرار الرقابة الذاتية والتدقيق الداخلي الحكومي في الوزارات والأجهزة الحكومية لحفظ المال العام من الهدر والتحقق من سلامة ومشروعية إدارته وتكليفه اللجنة التنسيقية برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد نائب القائد الأعلى النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء بالتحقيق في الملاحظات الجوهرية والتوصيات في تقرير هذا العام، يؤكد أن الحكومة ماضية في سبيل المحاسبة والمساءلة والمراقبة حتى الوصول لعدم تكرار الملاحظات سواء المالية أو الإدارية في تقارير الرقابة المالية والإدارية المقبلة.