ما معنى أن يقرر شاب في مقتبل العمر أو شابة في عمر الزهور أن يخصصا جزءاً مهماً من وقتهما لأي عمل مجتمعي تطوعي؟! هذا السؤال لا يعرف إجابته سوى من ذاق لذة العطاء والبذل والتضحية والتفاني من أجل غاية نبيلة دون انتظار جزاء أو شكور.

على الصعيد الشخصي، أتيح لي شرف المشاركة في كثير من الأعمال التطوعية إلا أن أكثرها أهمية وقيمة بالنسبة لي العمل في مواجهة أزمة جائحة كورونا (كوفيد19) ضمن كوكبة من الشباب البحريني الذي هب لتلبية نداء الواجب الوطني دون أدنى التفاتة لأية مخاطر محدقة أو إصابة محتملة. ولعل واحدة من أكبر حسنات ومنافع أزمة جائحة كورونا (كوفيد19) بالنسبة إلي أنها أتاحت لي شرف الانضمام إلى بضعة فرق تطوعية تتبع جهات رسمية وأهلية، ومن بينها لجنة الشباب بالمجلس الأعلى للمرأة.

هذه التجربة الغنية والفريدة من نوعها على اعتبار ما تضمه هذه اللجنة من توليفة متميزة من الشباب البحريني المبدع من تخصصات مختلفة ومتنوعة.

لقد تعزز عمل هذه اللجنة في ظل الأزمة الحالية بفتحها الباب لعامة الشباب الراغب بالتطوع، على الرغم من باعها الطويل في مجال العمل المجتمعي الممتد لأكثر من 17 عاماً حيث أنشأت في عام 2003، بتوجيهات من صاحبة السمو الملكي الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة قرينة عاهل البلاد المفدى رئيسة المجلس الأعلى للمرأة حفظها الله، من أجل العناية بالشباب من الجنسين وإعدادهم الإعداد الصحيح للإسهام الفاعل في دعم قضايا المرأة والاستراتيجيات الهادفة إلى تمكينها والارتقاء بها.

واعتباراً من اللحظات الأولى لاجتياح أزمة كورونا (كوفيد19) العالم، واصلت لجنة الشباب نشاطاتها بما ينسجم مع ظروف الأزمة الصحية الطارئة من خلال تقنيات التواصل الاجتماعي، التي نشطت من خلالها في نشر المنشورات التوعوية بهدف رفع مستوى الوعي العام بالإجراءات الوقائية والاحترازية والتثقيف الصحي. ونظمت اللجنة مسابقة تصويرية لتسليط الضوء على طبيعة المبادرات والمساهمات المؤثرة للمرأة البحرينية في التعامل مع تحديات الظروف المستجدة التي فرضتها الجائحة، وخصصت للفائزين جوائز نقدية ومعنوية. إلى جانب ذلك، حرصت اللجنة على تفعيل خاصية البث المباشر «لايف» على حسابها بموقع التواصل الاجتماعي «إنستغرام» واستقطبت نخبة من الاختصاصيين في مختلف المجالات. كما أقامت عدة فعاليات أخرى، تهدف إلى تنوير الشباب وتشجيع تلاقح الأفكار، وتسليط الضوء على تجارب حياتية مجتمعية ملهمة بهدف تشجيع الشباب من الجنسين على خوض التجارب على اختلافها.

لقد كانت هذه اللجنة في هذه الأزمة – برأيي – من اللجان الشبابية الأكثر تنظيماً وتأثيراً وفاعلية، ولا عجب في ذلك بالقياس إلى تاريخها ومكوناتها فهي تضم نخبة من الشباب المثقف المتعلم الواعي.

خلاصة القول: إنه حق للبحرين أن تفخر ببناتها وأبنائها الذين تصدروا المواقع منذ اللحظات الأولى للإعلان عن الجائحة كمتطوعات ومتطوعين، باذلين على هذا السبيل كل غالٍ ونفيس ودون أدنى اكتراث للعواقب.