^ قبل عدة أسابيع مر على مكتبة نون، حوالي ثمانية شبان، بعضهم في أواخر المدرسة الثانوية، وبعضهم الآخر في الدراسة الجامعية، ومنهم من يبحث عن وظائف شاغرة. جلست “أدردش” معهم حول العديد من القضايا الشبابية التي تهمهم وتهمني أيضاً، وهو كيف يمكن أن تغري أي شاب بتعلم فن الحياة، ليس بالقراءة، فهناك عشرات الكتب والأشرطة الصوتية والاسطوانات المدمجة التي تغطي هذا الموضوع وفي أغلب اللغات تقريباً كلها تدعو إلى تعلم أسس النجاح وطرق الوصول إلى الثراء، ومن الممكن أن يصل إليها كل من يبحث عن النجاح، ويتوصل فيها الإنسان إلى الحصول على المعلومة، عبر الإنترنت وقنوات التواصل الاجتماعي، إنما الإغراء الذي أتكلم عنه، هو الرغبة في الدخول إلى المجالات الحياتية التي يريد أي شاب أن يدخلها بعد أن يستطيع القفز على الحواجز العمرية التي عليه أن يدخلها لممارسة دوره في الحياة القصيرة التي سيحياها فوق هذا الكوكب، وقلت لكل واحد منهم: أنت الآن في الثامنة عشر من العمر، أي في الفترة التي يقرر فيها الإنسان ما يريد أن يكون عليه في حياته. فقبل ذلك كنت تعيش من خلال برمجة الوالدين، برمجتك من أجل أن تكبر وتصبح حياتك وحياة إخوتك / أولاد وبنات، أفضل من حياة الوالدين. السؤال المهم والأساس الذي لا بد أن يطرحه كل منا هو كيف يمكنك الوصول إلى ما تريد؟ وما هي الطريقة الأفضل التي من خلالها تستطيع تحقيق حلمك الحياتي؟ وما هي القوانين التي على الإنسان أن يتبعها ليصل إلى ما يريد؟. قبل كل شيء هو أن تتقبل ما أنت عليه الآن. لأن كلمة الآن هي النتيجة الكاملة لماضيك. عليك أن تتقبل كل شيء، شكلك، شعرك، ملامح وجهك، عينيك، طريقة نطقك للكلمات، طولك، لأن هذا التقبل هو البوابة الكبيرة التي منها تدخل إلى المستقبل. إذا تقبلت كل ما أنت عليه، اعتبر نفسك قطعت نصف الطريق إلى مدينة حلمك، وكل ما فيها من متع الدنيا. تقبل نفسك، يعني أن في داخلك إنسان كامل، إنسان يعرف أنه المخلوق الأجمل بين كل المخلوقات.. روحك جوهرك الحقيقي، وما جسمك إلا أحد بيوت الراحة للروح، تسكنها لبعض الوقت وتعود بموت الجسد، إلى الخالق. إذا عرفت أنك الآن ابن للماضي، فالماضي لا يعود، وما لا يعود يمسي من الجرائم الكبرى أن نفكر في إعادته وإحيائه لا أحد يصل إلى المستقبل، دون أن يستشعره الآن، يشمه، ويتذوقه، ويلعب معه.. لا أحد يصل إلى المستقبل المنشود إلا بدوافع قوية، متينة، قادرة على اختراق الحجب، بمعنى التعرف على القوانين التي تقود الأشياء إلى حيث يشاء لها الخالق. عليك أن تحب نفسك، فمحبتها نفسك وتقديرها هي التي تقذف مباشرة إلى محبة الله، وبالتالي كل مخلوقات من حيوان ونبات وجماد. ولنضع في اعتبارنا أننا مخلوقات رائعة وعظيمة. خلقنا على صورته، ومن محبته، إننا كلنا محبوبون من الله، إن الله لم يخلقنا إلا من أجل تأكيد حبه لنا. ووصلت معهم إلى أننا إذا أردنا أن نصل إلى ما نسعى إليه، علينا أولاًَ أن نحدد ما نريد أن نكون عليه بعد عشر سنوات. أين سنكون، وما هي الوظيفة التي نريدها من أجل أن نبدع فيها. لأكثر من مرة طرحت ضرورة الركض إلى المستقبل. لأكثر من مرة حلمت أن أراهم في القمة. لأكثر من مرة رأيتهم وهم يواصلون الصعود على الجب الحياتي اليومي. انتهى اللقاء الذي امتد لأكثر من ساعة، وهم يخرجون، تمنيت من كل قلبي أن يوفقهم الله في حياتهم القادمة.