إن التفجير الإرهابي الذي حدث في العكر مؤخراً وأصيب بسببه عدد من رجال الأمن يدل على أن المخربين انتقلوا إلى مرحلة جديدة من التصعيد في الميدان وأخذ العنف المبرمج طرقاً مستوردة من الخارج من خلال صنع العبوات الناسفة محلية الصنع والتفجير عن بُعد متصلة بشحنة بنزين، وهو ما يستدعي حياله من الدولة ممثلة بوزارة الداخلية أن تدرك أن المرحلة القادمة من قبل الإرهابيين لن تكون مواجهة بقنابل المولوتوف أو الأسياخ؛ بل إن التكتيك قد اختلف وانتقل إلى التفجير وزرع القنابل الموقوتة وغيرها من طرق الإرهاب التي تدرب عليها هؤلاء المخربين في سوريا وإيران وجنوب لبنان. صراحة، تعبنا ونحن نطالب ونناشد بتطبيق القانون على المحرضين أولاً قبل أن يتم محاسبة الفاعلين لأن المحرض أو المغذي الأول للعنف والإرهاب، وهو ما يتطلب إصدار تشريع لتشديد العقوبات من قبل مجلس النواب بأسرع وقت ليكون ذلك رادعاً لمثل هؤلاء المجرمين الذين يستهدفون رجال الشرطة بهدف قتلهم وليس لأي شيء آخر، وبالتالي فإن التشريع هو الأساس وبعدها التطبيق بحزم بحق المخربين والإرهابيين دون أي رأفة أو رحمة بهم لأن الإرهاب آفة في المجتمع ويجب استئصالها قبل أن يستفحل هذا مرض الإرهاب الخبيث وينتشر وبعدها لن تستطيع الدولة السيطرة عليه. ما جرى من تفجير إرهابي في العكر كالذي يحدث في العراق يمثل تطوراً نوعياً كما قال وزير الداخلية يتحمل من ارتكبه المسؤولية وليسوا هم وحدهم بل من حرضهم على هذا الفعل، ونتمنى أن يتم القبض على هؤلاء الفاعلين والمحرضين ويقدموا للنيابة العامة بالأدلة والاعترافات ويحالوا إلى القضاء لينالوا عقابهم. وليس ذلك فحسب؛ بل تعرض صورهم وتنشر في الصحافة ليتم فضحهم أمام الرأي العام ويكونون عبرة لغيرهم، وما نتمناه أن يتم تطبيق قانون الإرهاب على هؤلاء والحكم عليهم بأقصى عقوبة لأن ما قاموا به جريمة بشعة تخالف ديننا الإسلامي الحنيف الذي يحرّم مثل هذه الأفعال وكذلك القوانين والمواثيق الدولية وحقوق الإنسان. إن ما يجري في الساحة من أعمال عنف ليس مسؤولية الدولة وحدها؛ بل الجميع مطالب بالوقوف صفاً واحداً من المواطنين والمقيمين لمواجهة مثل تلك الجرائم، وما عملية العكر الإرهابية إلا ناقوس الخطر الذي يجب أن تعي الدولة من خلاله أن وتيرة العنف والتخريب بدأت في التزايد وان استهداف رجال الأمن هو الهدف الأول لهؤلاء المجرمين، الأمر الذي يحتم على الشرطة أن يكونوا حذرين خلال أدائهم الواجب أو خارجه أيضاً، فضلاً على تسليحهم بكل المعدات اللازمة للدفاع عن أنفسهم ووطنهم، وإعطائهم الأوامر بالتعامل مع الإرهابيين في إطار القانون والدفاع عن النفس. حقيقة لا بد أن نصارح بها الدولة وهي أن التهاون وعدم تطبيق القانون على الإرهابيين يؤدي إلى فقد الثقة والخوف من أعمال العنف خصوصاً أن المجتمع البحريني مسالم بطبعه ولا يعرف مثل الأعمال الإرهابية وهي دخيلة عليه، وبالتالي فإن الحل هو تشديد القبضة الأمنية بشكل أكثر والحفاظ على هيبة الدولة من خلال تفعيل القانون والتعامل بحزم مع هذه الأعمال الإجرامية، ومع من يحرض هؤلاء الشباب المغرر بهم، عوض أن يكونوا مساهمين وفاعلين في نشر قيم التسامح والدعوة للوحدة الوطنية وليس إذكاء نار الطائفية والمذهبية التي لن نجني من ورائها إلا الدمار وضياع الوطن ودخوله في نفق مظلم لا نعرف نهايته. إن حادثة العكر لم تكن مدانة محلياً فقط بل تعدتها إلى المستوى الدولي والخليجي، حين أدان الأمين العام لمجلس التعاون عبداللطيف الزياني هذا العمل الجبان الذي تنبذه كافة الشرائع والمواثيق، وهو تأكيد على مواقف دول المجلس الثابتة في نبذ العنف بمختلف أشكاله وصوره ووقوفها صفاً واحداً مع البحرين، والتعاون في ملاحقة الإرهاب وتجفيف منابعه والتصدي لظاهرة الإرهاب بشكل جماعي خلال تعزيز التعاون في مجال مكافحة الإرهاب من خلال تكثيف تبادل المعلومات والوصول إلى مرحلة الاتحاد الخليجي في هذا المجال وليس فقط التعاون، وهي الدعوة التي أطلقها خادم الحرمين الشريفين في قمة الخليج الأخيرة.