هذا التاريخ مميز جداً بالنسبة لي، فقد كان يوم وصولي إلى مملكة البحرين الحبيبة لأول مرة.

كنت قد بلغت الحادية عشر من العمر، وعشت في ثلاثة بلدان مختلفة، إلا أنه ما كان الأكثر تميزاً في البحرين منذ البداية هو حميمية استقبال الأشخاص وهم الذين استقبلونا في المطار حينها، وأوصلونا إلى المنزل.

سرني جداً مدى الأخلاق الموجودة لدى الجميع، بدءاً من السائق، وحتى أكبر الشخصيات التي قابلتها حينها برفقة والدي رحمه الله، حيث التواضع الذي يمتلكونه، ومدى الحميمية منذ اللقاء الأول.

ذُهلت كيف أنني استطعت مقابلة عدد كبير من الأشخاص خلال أقل من أسبوع، فقط من خلال مرافقتي لوالدي في المجالس.

أدهشني حينها التطور الذي وجدته، ليس هناك طوابير يتدافع فيها الناس، بل تأخذ رقماً وتجلس لتنتظر، وهي التقنية التي وصلت للتو إلى عشرات البلدان، في حين لا تزال دول أخرى بذات الطوابير الطويلة، في وقت وصلت البحرين إلى تقديم الخدمة عبر الإنترنت، والتطبيقات الذكية.

أذكر جيداً أننا انتهينا من استخراج البطاقة السكانية، وكافة الأوراق الرسمية خلال أقل من يوم واحد، في وقت استغرق ذلك عدة أسابيع في البلد الذي كنت أقطن فيه سابقاً. الآن، وبعد 18 عاماً، استرجعت تلك الذكريات، فاكتشفت كم تغيرت البحرين منذ ذلك الوقت.. في شوارعها، وطرقها، وفي خدماتها، وفي كلما يقدم فيها.

قارنت بين الصور التي علقت في ذهني للبحرين حينها وبين جولة قمت بها مؤخراً، فوجدت أن البنية التحتية تغيرت عدة مرات، وتطورت بشكل لا يمكن وصفه تماماً.

أين دوار منطقة السيف؟ وأين دوار مدينة عيسى؟، بل أين الشارع الصغير الموازي لمدينة حمد، وجسر سترة القديم، وإشارة المنطقة الدبلوماسية؟

وقفت للحظة لألتقط صورة لشارع الملك فيصل، فوجدت عشرات الأشخاص الذين هبوا يسألوني إن كنت أحتاج أمراً ما.. فقلت: صحيح أن الشارع تغير مرات عدة، ولكن أخلاق الناس الحميدة هي ذاتها.

هي ذاتها المرونة والسلاسة في كل أمر تريد إنجازه في البحرين، ولكن بشكل أكثر تطوراً.. هي ذاتها المجالس العامرة بأهلها، والمغلقة مؤقتاً بسبب كورونا، وهي ذاتها الروح الجميلة والتعايش الأجمل.

البحرين لا تتقدم بالعمر، بل تصبح أكثر ازدهاراً.. أكثر شباباً وحيوية، وأكثر تميزاً كلما مضت السنين.

* آخر لمحة:

البحرين نعمة، لن يقدرها إلا من يذهب بعيداً عنها.. حفظ الله المملكة قيادة وشعباً وأرضاً.