تعاني مجتمعاتنا الخليجية من «متلازمة ولدنا»، فإذا كان ولدنا فإنه يحق لنا إجحاف حقه، والاستفادة منه بشتى الطرق، بل ومن الممكن أن يستخدموك للكثير من الأعمال دون مقابل، وكل ذلك لأنك «ولدهم»، بينما لو توقفت عن هذه الأعمال وتم تحويلها لشخص آخر غريب فإن هناك مبالغ مالية ضخمة ستدفع له بالرغم من أنه لا يصل لنصف مهارتك وإنجازك ولكنه الغريب وليس «ولدهم»، فلذلك تنهال عليه الخيرات ولو أنه قدم عملاً متواضعاً أو أقل من ذلك.

كذلك هو الحال بالنسبة إلى الشركات الاستشارية التي تستعين بها الحكومات، وتقوم تلك الشركات بأخذ مبالغ كبيرة وخيالية على المؤسسات الحكومية كونها بنظرهم البقرة الحلوب، فيقومون باستعراض وتضخيم لما سيقدمونه من خدمات ليحصلوا على تلك المناقصة.

وفور شروعهم بعملهم فإنهم يقومون بتشكيل فرق عمل تطلب من موظفي تلك الجهة المعلومات والمشاكل والحلول ليوفروها لهم ومن بعد ذلك يقومون بوضعها في «برزنتيشن» يقدمه شخص يلبس البدلة مع تسريحة شعر مناسبة ليقوم بذلك السحر «سحر الخواجات».

ولو يقوم ذلك المسؤول بقراءة التقرير الذي قدمته الشركة الاستشارية سيدرك أن تقريراً مماثلاً بل وأدق منه قدمه فريقٌ شكل داخل المؤسسة دون أي كلفة أو حوافز وكان مفصلاً بشكل احترافي لأن من قام به أولئك الذين يدركون مفاتيح العمل بداخل هذه المؤسسة وهم الأكثر حرصاً على تطويرها.

وعلى جوانبنا الشخصية دائماً ما يكون هناك بعض الأشخاص في حياتك تبحث عن رضاهم ولربما تراهم كقدوات لك، ومهما تقدمت في العمر وأنجزت وأبدعت إلا أن ما تفعله لم يكن كافياً لتحوز على رضاهم، ولو أن غيرك كتب أو قام بما قمت به لتهافتوا للإشادة به ومدحه وهذا ما يجعلك محبطاً في سبيل إرضائهم حتى تنطفئ.

بعد عمر محدد وتجارب قاسية تتيقن أنه آن الأوان لتحتفل بنجاحاتك التي كانت نتيجة عملك الرائع، وتتجاوز أولئك الذي تحبهم وتحترمهم ولكنك لن تدعهم ينتقصون من إنجازك بحجة إنك لم تكن كافياً للحصول على اعجابهم يوماً..

امدحوا ولا تبالغوا.. شجعوا ولا تحبطوا..

‏ليس الجميع يستطيع تجاوز الكلام المحبط، فقد تكون كلماتك نهاية أحدهم وأنت أطلقتها بحسن نية، انتقد ولكن اخلط مع ذلك الانتقاد بعض المدح أو بعض الإيجابيات، فلا يعقل أن تمتدح كل العالم، وتترك من هو أمامك ويبذل الكثير ولكنك تمد البصر وتغفله هو.