السرقة لها أكثر من وجه وأكثر من اسم في أيامنا، فلم يعد مشهد السرقة مرتبطاً بشخص يغير عليك بالسيف ويسلبك ما تملك وما لا تملك، ألا وهي عزة النفس والكرامة.

اليوم أصبحت السرقة تأتي بشكل ألطف؛ فالسارق لا يقال له سارق ولا مجرم، بل مراعاة للمشاعر الإنسانية يوصف أحياناً بشخص مستغل أو بشخص سيئ الإدارة. هؤلاء سراق ولكن بشكل مختلف، وهم ربما يمثلون النصيب الأعظم لما يعرفه الناس عن السرقة، والجزء المتبقي ربما الأكثر لا يعلمونه أو لا يعتبرونه من ضمن هذه القائمة.

ويكمن الجزء المتبقي في سلب نجاح الآخرين، واقتباس أفكارهم بغير وجه حق، ولعل هذا الكلام يذكركم ببعض المواقف التي صادفتموها في حياتكم، فكم منا من قدم أفكاراً واقتراحات وفي الأخير يظهر سارق «آسف قصدي» ناجح ويعيد سردها بشكل مختلف.

وليست هذه الحالات بالأمر الجديد حالياً؛ فالجديد الآن سرقة مشاريعك الناجحة ومصدر رزقك، ما إن يظهر شخص «على سبيل المثال»، ويؤسس محل قهوة بخلطات وطرق إبداعية إلا ظهرت أفواج من الناس تقلد نفس الخلطات نفسها والأفكار نفسها. وقد لا يجد البعض هذا التصرف أنه تعدٍ على حقوق شخص مبدع ومجهوده، بل مجرد تقليد في ساحة لا يحكمها أي قانون في هذا المجال.

ولا يقتصر التعدي على حقوق أصحاب المشاريع والأفكار على حد الفكرة، بل أحياناً كثيرة يطال أموراً أخرى، فكثير من هؤلاء عبارةعن قطاع طرق، ولكن بشكل متحضر، فقيام البعض منهم بإغراء عمال تاجر معين بأجر أفضل وأنه أمر قانوني إلا أنه ظلم لصاحب العمل الذي تكلف بتدريب وتعليم أسراره لهذا العامل، وفي الأخير ينقل العامل جميع أسرار صاحب المشروع إلى شخص آخر مقابل زيادة بسيطة.

القانون الذي يمنح العامل حرية التنقل بين صاحب العمل وجد لمصلحة العامل وحمايته، دون أن يضع أي شروط أو محاذير تلزم هذا العامل بعدم نقل أسرار وأفكار الجهة الأولى التي كان لديها.

البحرين وساحة المشاريع والأعمال بحاجة إلى تشريع أو نظام يضمن حقوق أصحاب المشاريع وأفكارهم من تعدي الآخرين وتقليدهم. فحقوق المؤلف والنشر لا علاقة لها بحقوق الأفكار والمشاريع، ولا توجد جهة في الدولة تستطيع حماية هذه الحقوق لعدم وجود قانون واضح وصريح يعنى بحماية هذه الحقوق، التي ضاع كثير من رواد الأعمال بسببها وبسببهم.