تسابق المرشحان الرئاسيان في الولايات المتحدة، ترامب وبايدن على الإعلان عن نيتهما الوصول إلى حل واتفاق مع الإيرانيين حول البرنامج النووي الإيراني. بايدن، يخطط لعودة أمريكا إلى الاتفاق النووي المبرم في 2015 بين إيران ومجموعة 5+1 والذي انسحبت منه أمريكا في عهد ترامب، وترامب واثق من قدرته على الوصول إلى اتفاق جديد وبشروط أفضل لصالح أمريكا.

وبلا شك أن البرنامج النووي الإيراني، يسبب إزعاجاً كبيراً لأمريكا، ويعود ذلك لسبب جوهري، ردده هنري كيسنجر وزير الخارجية الأمريكي الأسبق في عدة مناسبات. وبحسب كيسنجر، فإن البرنامج النووي الإيراني إذا وصل إلى حد التخصيب من أجل دواعٍ عسكرية - وهو الهدف المبطن للبرنامج - سيدفع دول المنطقة إلى امتلاك السلاح النووي لا محالة. ويذكر كيسنجر أن السعودية ستلجأ إلى باكستان للحصول على القدرات النووية وتركيا ستسعى أيضاً لامتلاكها كي لا تخرج من السباق النووي المحتمل في المنطقة ومصر صاحبة أكبر قوة عسكرية عربية لن تقف مكتوفة الأيدي وستبحث عن طرق لامتلاك السلاح النووي كذلك، هذا بالإضافة إلى بعض الدول الخليجية الأصغر حجماً في المنطقة والتي لديها الإمكانيات المادية التي تساعدها على شراء أو تطوير السلاح النووي. وفي حال حدث ذلك، تفقد أمريكا نفوذها وقدرتها على إدارة الأمور في الخليج والشرق الأوسط، وقد تواجه حالة من الفوضى والتمرد في المنطقة تهدد مصالحها للأبد. وقد كان كيسنجر، حذراً في تأييد الاتفاق النووي الإيراني في 2015، لهذه الأسباب بالتحديد.

أما حول كيفية التعامل مع الإيرانيين، فيبدو أن الأمريكان لم يصلوا إلى أسلوب واضح ونهائي حتى الآن، فالبعض يرى أن أسلوب ترامب الحالي الذي يشدد على التفاوض مع إيران من غير شروط مسبقة قد يدفع الإيرانيين إلى مزيد من العناد الذي بدوره قد يؤدي إلى صدامات ومواجهات غير مرغوب فيها، بل وقد يؤدي في أسوأ الأحوال إلى دخول روسيا على الخط كنصير للإيرانيين. والكثيرون يرون أن الاتفاق النووي الذي تم في حقبة أوباما، سيء ويعطي الفرصة لإيران لتخصيب اليورانيوم لأغراض عسكرية بسهولة نظراً لصعوبة مراقبة ومتابعة عملية التخصيب أصلاً ولعدم ثقة الأمريكان بنوايا الإيرانيين كذلك.

والخلاصة، أن الخطوات الأمريكية المقبلة بعد الانتخابات، لن تلجأ إلى الصدام العسكري إطلاقاً ولكنها ستختار أحد الطريقين وكلاهما مر للعرب والمنطقة. فأما السماح ببرنامج نووي إيراني سلمي كما نص عليه اتفاق 2015 مقابل تخفيف العقوبات الاقتصادية أو وقف البرنامج كلياً مقابل تنازلات قد تكون كبيرة - غير مناسبة للعرب - يقدمها ترامب في المرحلة المقبلة. في الحالتين كلتيهما، أمريكا تسعى لمصلحتها في المقام الأول.