أيمن شكل

أكد محامون أنه لا يوجد نص تشريعي صريح بشأن أركان وشروط حسم عقود الإيجار المنتهي بالتملك، مشيرين إلى أن الإيجار الساتر للبيع يعتبر بيعاً محضاً وتسري عليه أحكام البيع بالتقسيط.

وأضافوا لـ"الوطن"، أن شروط العقد المجحفة التي تضعها المؤسسات بالعقود تحدث خلافاً قانونياً، حيث لا يملك المتعاقد نقاشاً أو تعديلاً لأي من بنود العقد.



يأتي ذلك، بعد انتشار عبارة "استأجر لتتملك"، أومايعرف بالإجارة المنتهية بالتملك التي تستخدمها العديد من المؤسسات المالية لتوافقها مع الشريعة الإسلامية ولتعطي أملاً لمن لا يملك ثمن عقار أو سيارة بأن يدفع أقساطاً على هيئة إيجار شهري، وعند الانتهاء من الأقساط يصبح مالكاً لما اشتراه.

لكن حالات كثيرة تتعثر في دفع الأقساط الشهرية، وعندها تسترد الشركة المؤجرة "البائعة" ما باعته وتبدأ رحلة بحث المشتري عن حقه الذي ضاع في لحظة، ويظهر عندئذ عقدان للمنقول أحدهما عقد إيجار معلن وظاهر والآخر عقد بيع مستتر، ما يتسبب بإشكالية المقاصة بين حقوق الطرفين.

وأشار المحامي نبيل القصاب إلى أن أغلب هذا النوع من العقود، ينحصر في بيع السيارات، حيث تستخدم الشركات البائعة عقدين، بينما أساس المعاملة "بيع".

وأضاف أنه "لكي يضمن البائع حقه يبرم عقد إيجار مع المشتري تحت عنوان (استأجر لتملك)، وإذا تخلف المشتري عن دفع شهر أو شهرين يتم سحب السيارة عن طريق تقديم عقد الإيجار لمركز الشرطة، ويطالبهم بالبحث عن السيارة، وعند العثور عليها يقوم بتشغيلها بواسطة مفتاح احتياطي لديه، ليتفاجأ المشتري أن السيارة اختفت، وفي حال أبلغ بسرقة السيارة يتم تقديم المستندات التي تثبت أنها ليست ملكه وإنما استأجرها وتخلف عن السداد".

وعن مشروعية هذه العقود، أكد أنها غير قانونية لوجود عقدين لمنقول واحد، حيث ينتفع المستأجر في عقد الإيجار بالمنقول فترة معينة لقاء مبلغ شهري، بينما يختلف عقد البيع حيث يستوجب نقل ملكية المبيع للمشتري لقاء قيمة متفق عليها، وهذا يضع المنقول في وضعين مختلفين، وعند الخلاف يدعي البائع أنه أجر للمشتري السيارة.

لكن القصاب نوه إلى عقود البيع بشرط انتهاء سداد كامل أقساط المبيع ليتم تحويل الملكية، وقال إنها جائزة، إلا أن أحكامها تختلف تماماً عما يحدث في السوق حيث يتم استغلال المشتري عند تخلفه لشهر واحد، فيبدأ البائع بمطالبته بكامل ثمن السيارة.

وقال "إذا كانت لديه شيكات موقعة يقوم برفع دعاوى بها ضد المشتري عن نفس الحالة، ولا يكتفي بذلك فقط ولكن بعض الشركات تقدم أيضاً سند المديونية الموقع عليه من قبل المشتري في دعوى منفصلة، وبذلك ربما يدفع المشتري ثمن السيارة أضعافاً مضاعفة بينما سدد بالفعل جزءاً من ثمنها".

وحول نصوص القانون التي تعالج هذه الحالة أشار المحامي نايف الجنيد، إلى المادة "390" من القانون المدني التي تناولت تنظيم الأحكام المتعلقة بهذا النوع من العقود، حيث نصت على أنه "إذا كان البيع مؤجل الثمن، جاز للبائع أن يشترط أن يكون نقل الملكية إلى المشتري موقوفاً على استيفاء الثمن كله أو بعضه ولو تم تسليم المبيع.. فإذا كان الثمن يدفع أقساطاً، جاز للمتعاقدين أن يتفقا على أن يستبقي البائع جزءاً منه تعويضاً له عن فسخ البيع إذا لم توف جميع الأقساط، ومع ذلك يجوز للقاضي وفقاً للظروف أن يخفض التعويض المتفق عليه وفقاً للفقرة الثانية من المادة (226).

فإذا وفيت جميع الأقساط، اعتبرت ملكية المشتري مستندة إلى وقت البيع ما لم يتفق على غير ذلك، وتسري الأحكام السابقة ولو سمى المتعاقدان البيع إيجاراً.

وقال الجنيد: "بالرجوع إلى الفقرة الثانية من المادة 390 نجد أنها أحالت للفقرة الثانية من المادة 226 في شأن بيان الظروف التي يجوز فيها للقاضي تخفيض التعويض المتفق عليه حيث نصت على أنه "لا يكون التعويض المتفق عليه مستحقاً إذا أثبت المدين أن الدائن لم يلحقه ضرر، ويجوز للمحكمة أن تخفض هذا التعويض إذا أثبت المدين أن التقدير كان مبالغاً فيه إلى درجة كبيرة أو أن الالتـزام الأصلي قد نفذ في جزء منه، ويقع باطلاً كل اتفاق يخالف أحكام الفقرتين السابقتين".

لكن بعض الشركات تقوم بإنشاء عقدين يتم التوقيع عليهما من قبل المشتري والذي يعتبر مستأجراً في عقد ومشترٍ في عقد آخر، حيث أوضح الجنيد أن العبرة بحقيقة الواقع وحقيقة ما اتجهت إليه إرادة المتعاقدين، ويعمد في كثير من الأحيان إلى أن يخفى البيع بالتقسيط تحت ستار عقد الإيجار، فيسمى البيع إيجاراً".

وقال "يسمى هذا الإيجار الساتر للبيع وهو أحد صور البيع المؤجل الثمن، حيث إن الغرض الذي يرمي المتعاقدان إلى تحقيقه واضح، فقد قصدا أن يكون الإيجار عقداً صورياً يستر العقد الحقيقي وهو البيع بالتقسيط، ويترتب على ذلك أن الإيجار الساتر للبيع يعتبر بيعاً محضاً، وتسري عليه أحكام البيع بالتقسيط، وأهمها أن انتقال ملكية المبيع إلى المشتري تبقى معلقة على شرط واقف منذ إبرام العقد، بدلالة الفقرة 4 من المادة 390 والتي نصت على "وتسري الأحكام السابقة ولو سمى المتعاقدان البيع إيجاراً".

وإذا تحقق الشرط الواقف، ووفى المشتري بالثمن، فقد صار مالكاً للمبيع، وزال عن البائع ملكيته للمبيع بأثر رجعي، أما إذا تخلف الشرط، وتأخر المشتري عن دفع الثمن، فإن ملكية المشتري التي كانت معلقة على شرط واقف تزول بأثر رجعي لعدم تحقق الشرط، وتعود الملكية باتة إلى البائع منذ البداية، إذ إن البيع يعتبر كأن لم يكن، ولا يحتاج البائع في ذلك إلى حكم بزوال البيع، وإن تخلف الشرط الواقف وحده كافٍ في ذلك وفقاً للقواعد المقررة في الشرط وللبائع في هذه الحالة أن يطالب المشتري بتعويض.

وقال "يغلب أن يكون قد اشترط في عقد البيع أن يكون التعويض هو احتفاظه بكل أو بعض الأقساط التي يكون قد استوفاها ويعتبر هذا الشرط شرطاً جزائياً تسري عليه أحكام الشرط الجزائي، وأهم هذه الأحكام وهو ما أشارت إليه الفقرة الثانية من المادة 390 والفقرة الثانية من المادة (226).

فيما أوضح المحامي عبدالرحمن غنيم، أن تلك العقود هي ضمن صور عقود التأجير الذي ينتهي بالتملك أو ما يسمى بالبيع الإيجاري.

وقال إن مثل هذه العقود تحمل نوعين من العقود عقد الإيجار الذي يظل المشتري فيه مستأجراً للسيارة لحين سداد كافة الأقساط المستحقة عليه، فإن أوفى بها كاملة تحول العقد إلى عقد بيع وكان للمشتري أن يلزم البائع بالتسجيل، أما لو أخل المشتري بسداد الأقساط وأصبح غير قادر على الوفاء فمن حق البائع أن يسترجع المبيع ومن حق المشتري "المستأجر" أن يثبت أن العلاقة علاقة بيع ويسترجع ما دفع من أقساط سددها من القيمة الفعلية للسيارة.

لكن غنيم استدرك بالقول إن "هذه العقود تخضع لأحكام (الصورية)، فيكون هناك عقد ظاهر وهو عقد الإيجار وعقد خفي وهو عقد البيع، ويترتب على هذه الصورية أنه يحق للمستأجر رفع القضية بالصورية لإثبات أن العقد عقد بيع، والإثبات يتم بكافة طرق الإثبات القانونية ومنها شهادة الشهود، فإذا أثبت أن العقد بيع التزم بسداد باقي الثمن واسترد السيارة، وإن لم يكن لديه القدرة على الوفاء بباقي قيمة السيارة يتم تقييمها ورد ما زاد من قيمة السيارة للمشتري".

ورأت المحامية زهرة الجسر أن هذا النوع من العقود يتمتع بالمرونة كنظام تمويلي ميسر، لجأت إليه مؤخراً العديد من المؤسسات المالية والشركات التجارية خاصةً شركات بيع وتجارة السيارات، حيث يلبي حاجة الأفراد الملحة، وهو ما يدفع المتعاقد - وهو متلهف لتسلم مفتاح السيارة أو المنقول - للموافقة على كافة شروط العقد المجحفة التي يذعنها التاجر عليه، حيث لا يملك المتعاقد نقاشاً أو تعديلا لأي من بنود العقد.

وأشارت إلى أن أغلبية ضحايا هذا النوع من العُقود هم الفئة التي يتعذر عليها توفير رهن أو تقديم كفيل، لأن ملكية المنقول تبقى مملوكة للمؤسسة الممولة أو التاجر، ومن ضمن تلك البنود المجحفة أنه في حال تخلف المستأجر عن سداد قسط شهرين أو أكثر فإنه يحق للمؤسسة المالكة استرداد المنقول والمُطالبة بالمتأخرات.

وقالت الجسر إنه "على الرغم من أن القانون تناول العديد من كافة أنواع العقود ومنها عقود الإذعان ومنح القاضي مطلق السلطة في تقدير بنود وشروط هذه العقود، والحق في إلغاء أي منها إذا كان مجحفاً بحق الطرف المذعَن، كما تناولت المادة 391 من القانون المدني هذا النوع من العقود، إلا أن الشروط المجحفة التي تضعها المؤسسات بتلك العقود ما زالت محل خلاف قانوني لعدم وجود نص تشريعي صريح بشأن أركان وشروط هذا العقد.

وأوضحت، أن نص المادة المذكورة جزم على أنه عقد بيع ومع ذلك يقول البعض إنه "عقد قرض مستتر خلف إيجار منتهٍ بالتملك"، كما ذهب بعض آخر لإبرام عقدين أحدهما إيجار والآخر بيع، ما يؤكد أنه حتى وقتنا الحالي لا يوجد نص صريح في القانون يحسم عقود الإيجار المنتهي بالتملك، وطالبت الجسر بسد الفراغ التشريعي.

لكن المحامية حميدة القيسي ترى مشروعية هذه العقود المستحدثة والتي من الممكن أن يستفاد منها في تطوير القطاع العقاري وغيرها من الأعمال.

وقالت إن مسألة الأجرة التي دفعها ومشروعية استرجاع محل العقد سواء سيارة أو غيرها يخضع للعقد ذاته الذي أبرمه الطرفان لأن العقود تنص غالباً على فسخ العقد، حيث قد يتخلف أحد الطرفين عن تنفيذ التزامه تجاه الآخر كأن يمتنع المستأجر عن دفع الأجرة فيؤدي ذلك لفسخ العقد، ورد المأجور لصاحبه الأصلي، أو قد يحول المؤجر دون انتفاع فلا يستحق الأجرة على المستأجر.

أدفع أقساط سيارة لم أراها منذ 2011

ومن بين الحالات التي تعرضت لمشاكل بسبب "استأجر لتتملك" تحدث علي حسن درويش قائلاً "قررت في عام 2009 الحصول على سيارة من إحدى الشركات التي تبيع بهذه الطريقة، ووقعت العقد لكن طلبوا مني أيضا التوقيع على "سند مديونية" بمبلغ 8800 دينار عبارة عن قيمة السيارة بالإضافة للتأمين والتسجيل، لأن الشركة ستتكفل بذلك، كما طلبوا مني دفع مقدم ألفي دينار، ليصل إجمالي قيمة السيارة مع الفوائد 10800 دينار.

ويواصل قائلاً "أخذت السيارة من الشركة وكنت أدفع الأقساط مقدماً لثلاثة أشهر ولم أتخلف عن الدفع أبداً، لكن في عام 2011 أقرضت السيارة لصديقي كي يقوم بتوصيل زوجته، لكنه تعرض لأعمال الشغب تسببت بتلفيات في السيارة".

ويضيف "عندما أخبرت الشركة لكي يتم إصلاح السيارة المؤمنة، حضر مندوب الشركة واستلم السيارة وقالوا "ما عندك مشكلة والتأمين بيعوضك واللي لك تاخذه"، لكن مر شهر بعد آخر دون استرجاع السيارة، وأبلغوني بأن شركة التأمين تبحث الموضوع، وعرضوا علي عدم دفع الأقساط، لكني تفاجأت بمحضر من المحكمة ومطالبة من الشركة بدفع سند المديونية 8800 دينار، وعندما شرحت الأمر للقاضي طلب مني دفع الأقساط المتأخرة، بينما رفضت الشركة إرجاع السيارة.

وقال إن السيارة موديل 2009، وما زلت أدفع أقساطها حتى اليوم دون أن أسترجعها أو أستعملها، وقد أصبحت قيمتها لا تساوي ما أدفعه شهرياً، لكني تعلمت درساً لن أنساه ..أن لو قامت القيامة لا أوقع على سند المديونية، لأنه يعطي صاحبه الحق في القبض علي في أي وقت.