كان المصحف الشريف أكثر ما يحرص على حمله معه خلال سفراته.. كان رفيقه في الطائرة وهو يحط بين الدول كعراب للسلام.

كان يعتبر على المستوى الإقليمي والدولي أبرز القادة السفراء للسلام لكن المعنى الأدق أنه كان سفيراً لرسالة الإسلام ومبادئه التي تقوم على السلام والتسامح والمحبة فلم يكن المصحف ما يحمله معه فقط في طائرته إنما

أخلاق المسلمين والإسلام وهو يتنقل بين الدول ساعياً لعقد المفاوضات التي من شأنها أن تعزز السلام وتعقد التسويات التي تضمن مصالح كل الأطراف وتحقن الدماء وتجنب المنطقة الحروب والصراعات.

عرف عنه رحمه الله أنه يحب القنص والقراءة كثيراً وتلك هواياته التي كان يقضي فيهما وقت فراغه لكن من يتأمل سيرته العطرة سيفطن أنه كان قارئاً عبقرياً للأحداث والأزمات ولديه حنكة سياسية تتسم بالاعتدال والتوازن في التعاطي مع المجريات وكان قناصاً بارعاً لاتفاقيات ومعاهدات السلام لذا لا غرابة أن يمنح لقب قائد العمل الإنساني من قبل الأمم المتحدة في سبتمبر 2014 وأن تحصل الكويت على مسمى مركز العمل الإنساني إلى جانب ألقابه الأخرى العديدة والتي أبرزها عميد الدبلوماسية الكويتية والعربية وحكيم العرب وشيخ الدبلوماسيين العرب.

لا يمكن أن نختزل سيرة أمير الكويت الراحل رحمه الله صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح الذي يعتبر من أبرز الدبلوماسيين الخليجيين على مستوى المنطقة وأكثرهم عطاءً في رحلة تتجاوز الـ 66 عاماً من المساعي الخيرة والجهود اللافتة وفقدانه الذي أفجع الشعوب الخليجية والعربية لا يعوض ومكانه في الساحة لا يسد فبصماته الإنسانية والدبلوماسية تاريخ يحتذى به ولعل الوصف الذي من الممكن أن يخطر على بال من يطالع سيرته أنه مبتكر معاهدات السلام ومهندس السياسة المتوازنة المعتدلة التي أبرزت اسم دولة الكويت في المحافل الإقليمية والدولية.

لسمو الأمير الراحل مكانة خاصة وبصمة مميزة في تاريخ مملكة البحرين فقد كانت لسموه مواقف تاريخية لافتة في فترة السبعينات وتحديداً خلال محاولات النظام الإيراني آنذاك سلب عروبة وسيادة البحرين حيث دعم موقف البحرين وتأكيد استقلالها وعضويتها في الأمم المتحدة وكانت البحرين أولى محطاته عند توليه مقاليد الحكم كما كان لمملكة البحرين نصيب كبير من الدعم والتمويل لتنفيذ عدد من المشروعات التنموية وهناك خصوصية لدى كل من شعب الكويت والبحرين فيما يخص العلاقات القائمة ترجع لعدة أسباب أهمها علاقة النسب التي تجمع بين قيادتي البحرين والكويت كأبناء عمومة. كما لا يمكن إغفال جهود الأمير الراحل الدبلوماسية اللافتة خلال الغزو العراقي المؤسف على الكويت حيث برز بريقه أكثر خلال تلك الفترة ولفت الأنظار إلى براعته الدبلوماسية في مناصرة القضية الكويتية.

رحم الله أمير السلام ورمانة الميزان في منظومة دول مجلس التعاون الخليجي وأسكنه فسيح جناته وخالص تعازينا إلى قيادة وشعب الكويت والشعوب الخليجية والعربية.