سكاي نيوز عربية

بحشد عسكري متزايد في قاعدة عقبة بن نافع بمنطقة الوطية الليبية، تسعى تركيا لوضع نقطة ارتكاز تمنحها الأفضلية في شمال أفريقيا، وذلك على غرار الدور الذي تلعبه قاعدة إنجرليك الأميركية على الأراضي التركية.

ويشير المراقبون إلى أنه مع اختلاف اللاعبين والأهداف إلا أن هناك تطابقا بين الدور الذي تقوم به قاعدة إنجرليك الأميركية على الأراضي التركية وبين قاعدة عقبة بن نافع بمنطقة الوطية، والتي تحتلها تركيا الآن على الأراضي الليبية.



وأضافوا أن إنجريلك تمنح الأفضلية للولايات المتحدة في آسيا الوسطى، وتمثل رأس حربة صريحة ضد العراق وسوريا، وكان لها الدور الأبرز في الغزو الأميركي للعراق عام 2003، بينما القاعدة الليبية الثانية بمنطقة الوطية ستلعب نفس الدور الاستراتيجي، ولكن لصالح تركيا، وستكون رأس حربة صريحة ضد الجوار الغربي الليبي، وبالتحديد تونس والجزائر، وربما دول أخرى لتركيا نفوذ وأطماع وأدوات داخلها.

الأهمية الاستراتيجية للوطية

تعتبر قاعدة الوطية أهم قاعدة عسكرية في ليبيا كلها، فهي تمتلك بنية عسكرية هي الأضخم، جعلتها الأكثر تحصينا في ليبيا، وهي تقع غربي البلاد، وبالتحديد جنوب مدينة العجيلات، وتابعة إداريا لمنطقة الجميل، وتبعد عن الحدود التونسية 27 كم فقط، وعن مطار العاصمة طرابلس 75 كم.

وهي القاعدة العسكرية الوحيدة في ليبيا التي لا علاقة للطيران المدني بها، على عكس باقي القواعد العسكرية في ليبيا، التي تستعمل كمطارات مدنية، مثل قواعد بنينا وطبرق والأبرق ومعيتيقة وسبها.

وقد أنشئت القاعدة عام 1942 عقب الوصاية الدولية الثلاثية على ليبيا بين الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، خلال الاحتلال الإيطالي لليبيا.

وبحكم ما ذكر من أهميتها الاستراتيجية ودلالاتها التاريخية، كانت الوطية واحدة من أكثر المواقع التي تعرضت للقصف من جانب مقاتلات الناتو الجوية في عام 2011.

تهديد جغرافي

ويؤكد المختصون بالملف الليبي أن أطماع أردوغان لن تتوقف عند الغرب الليبي فقط، فقاعدة الوطية الجوية بحكم موقعها الجغرافي وقربها الشديد من التراب الوطني التونسي والجزائري، ستفتح شهية الغازي العثماني لما هو بعد العاصمة طرابلس، ولما بعد زوارة (أقصى الغرب الليبي على بعد 60 كم من حدود تونس)، كي ينتقل التهديد التركي لتونس والجزائر أيضا.

وتعليقا على ذلك تقول الخبيرة السياسية التونسية، بدرة قعلول، لـ"سكاي نيوز عربية" إن ما تشهده قاعدة الوطية من تحضيرات وتجهيزات عسكرية بوتيرة متسارعة، يهدف لجعل قاعدة الوطية أول مسمار لتركيا في شمال أفريقيا، مضيفة أن هذه التجهيزات تؤهل الوطية للعب دور تآمري أكبر ضد تونس والجزائر معا.

وتضيف بدرة وهو ما سيكون له مردود سلبي مباشر على الأمن القومي التونسي والجزائري، بحكم قرب المسافة بين قاعدة الوطية والأراضي التونسية والجزائرية، وما يتواجد بقاعدة الوطية من رادارات وأجهزة تشويش إلكتروني متطورة كان لها دور في سقوط الغرب الليبي بيد مرتزقة النظام التركي، وكذلك دور في ترجيح كافة أذربيجان على أرمينيا في الحرب الأخيرة بينهم.

سرعة التجهيز العسكري

ويفسر المراقبون سر سرعة تركيا في إنجاز مهامها الجديدة بقاعدة الوطية، لرغبة الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، في عدم تكرار مشهد قصف قاعدة الوطية الذي حدث بداية يوليو الماضي، كما يرى الباحث في قضايا الأمن القومي الليبي، فيصل بو الرايقة، ويقول إن "الأتراك يريدون حسم الموقف في قاعدة الوطية ومطار طرابلس لصالحهم عبر الاتفاقية التي تم توقيعها مع فايز السراج، نظرا لتسارع الأحداث وانخراط الولايات المتحدة في الحل السياسي بشكل ملفت للنظر".

ويضيف بو الرايقة أن ذلك يعود لرغبة أردوغان في اتباع سياسة فرض الأمر الواقع على الأطراف المتداخلة في الملف الليبي وعلى الشعب الليبي نفسه، مشيرا إلى أن الأتراك يرغبون في التواجد الفعلي بالوطية بفرض أمر واقع على الجميع، حيث تعتبر قاعدة الوطية ذات موقع استراتيجي حيوي وهام جدا لتركيا. وهناك بعض التسريبات في طرابلس تفيد بعدم إلغاء الاتفاقيات التي وقعتها تركيا مع حكومة الوفاق، ولن يتم البت فيها إلا بعد الانتخابات المرتقبة، وأن تركيا تستهدف من خلال تواجدها بقاعدة الوطية تونس والجزائر كما تستهدف ليبيا ومصر".

تجهيزات سرية

وعن التحركات السرية والتجهيزات العسكرية التي تشهدها قاعدة الوطية حاليا، يقول المحلل السياسي، بول إيدون، في مقالة بمجلة فوربس الأميركية: "مع احتدام الصراع بين أرمينيا وأذربيجان، المتورطة فيه تركيا بشكل مباشر، كان الجيش التركي يواصل حشده في قاعدة الوطية الجوية التي تسيطر عليها حكومة الوفاق، حيث تم رصد طائرة نقل طراز "سي 130" تابعة لسلاح الجو التركي تنقل جنودا أتراكا من قاعدة إتيميسجوت الجوية بالقرب من أنقرة متجهة الى قاعدة الوطية بداية الأسبوع الجاري".

ويضيف أن "هذا التحرك التركي يشير إلى أن تركيا لديها خطط كبيرة في قاعدة الوطية، التي استولت عليها عبر حليفتها بطرابلس حكومة الوفاق من قوات الجيش الوطني الليبي، في هجوم مدعوم بشكل كامل من الطائرات المسيرة التركية مايو الماضي".