إن المتابع لأداء وسائل التواصل يرصد الكثير من الملاحظات السلبية على هذا التناول، ولذا فإن مدخلنا في هذه المقالات هو تقديم رؤية نقدية تسعى لتقويم أداء هذه المواقع بما يسهم في ترشيد أدائها بحيث تكون وسيلة إيجابية في تناول القضايا القومية.. لكننا لا نصل لذلك الهدف دون أن نضع أيدينا أولاً على الثغرات والسلبيات التي ينبغي تقويمها وهذا هو الهدف الأساسي لهذه المقالات.

فقد لوحظ الاعتماد على نغمة تأطير سلبية للأحداث، فبجانب استخدام الأفكار والمفردات التحريضية نجد الألفاظ والعبارات المتدنية فى أسلوبها والسطحية فى كتابها والعامية فى مستواها، وينبغي أن ترتقي هذه اللغة لأنها لصيقة بالإنسان طوال وقته وتلعب دوراً في تشكيل قاموس مفرداته، لاسيما لدى من هم في أعمار صغيرة أو شبابية. إن اختيار هذه المفردات التحريضية تستهدف تكريس الرفض والعداء وعدم الثقة ونشر اليأس وتقليل الفاعلية لدي الجماهير، ولذا شاع استخدام الفاظ سلبية في المعالجة من تلك الأفكار والألفاظ الواردة في بعض شبكات التواصل التي تدل على الفشل – اقتراح مبادرات هدامة وضد الصالح العام – المرض – الموت – انتهاكات – إهمال – لا مبالاة – عدم اهتمام – كذب – تعتيم – إخفاء – تذمر – تضجر.. إلخ».

واهتمت كثير من هذه المواقع بالضغط النفسي على الجهات الإدارية الرسمية من خلال نشر الكثير من الشائعات عن أدائها ومهنيتها وكفاءتها وجاهزيتها واختلاق أخبار بشأنها وهذا ما جعل جزءاً كبيراً من جهود هذه المؤسسات مركزاً في الرد على هذه الشائعات وإبراز الحقائق وهو ما شكل ضغطاً نفسياً وعبئاً إدارياً على العاملين فيها في وقت يجب فيه أن تتركز جهودهم في العمل الوطني والإنساني الذي يقومون به لمواجهة الفيروس والحد من انتشاره.

لقد تحولت وسائل التواصل الاجتماعي إلى فيروسات ضارة بالجمهور والمجتمع، فمضارها لا تقل عن فيروس كورونا ولذلك فإن الأمر يحتاج من هذه المواقع إلى رؤية أكثر مهنية حتي تستطيع أن تتجاوز الأساليب غير المهنية في تناول أخبار وتطورات هذا الفيروس من ناحية، ومن ناحية ثانية حتى لا يتحول أداؤها السلبي إلى فيروس أكثر ضرراً للمجتمع، وكي تكون شريكاً أساسياً في تجاوز الأزمات والمشاكل لا أن تكون طرفاً يحتاج جهداً من الجهات الرسمية حتى ترد على ما تنشره هذه المواقع من افتراءات وشائعات.. وللحديث بقية.

* أستاذ الإعلام وعلوم الاتصال