لم تتعرض الكرامة الوطنية للإهدار كما تعرضت في إيران، لكن نظام الملالي كان سريعاً دائماً في قلب الحقائق لتتحول الإهانات الأممية إلى نصر واقتدار ومفردات قومية مستمدة من أمجاد الإمبراطورية الفارسية. فحتى ألمانيا النازية واليابان حفظ الحلفاء كرامتهم فكان مشروع مارشال كالبلسم الذي عالج جرح الهزيمة الألمانية، وكانت حكومة الاحتلال الأمريكي لليابان بقيادة الجنرال ماكارثر رحيمة بالتقاليد اليابانية التي تم تطويعها بصبر أمريكي غير معهود ليتم تركيب الديمقراطية والتصنيع داخل قوالبها. أما إيران فطوال نصف قرن وهي تخرج من حظر دولي إلى عزلة دبلوماسية ثم إلى عقوبات أممية ثم إلى اتفاقيات تفتيش مذلة، مما خلق أساليب إيرانية مبتكرة في التحايل والالتفاف حول العقوبات بأساليب العصابات التي تهرب كل شيء لداخل إيران أو إلى خارج إيران. لقد كان آخر صفحات الإذلال الأممي لنظام الملالي، ما تضمنه الاتفاق النووي الذي حرم إيران من شراء وبيع الأسلحة التقليدية لخمسة أعوام حتى 18 أكتوبر 2020، وتم إهدار الكرامة الإيرانية بهذا القرار ووضع إيران في خانة الدولة غير الراشدة والتي لا تؤتمن على امتلاك السلاح، وهو نفس الوصاية الدولية على كثير من بلدان العالم في مطلع القرن الماضي، وكانت دول العالم محقة في تقدير عدم رشد طهران، وصدق تقدير أن تتلاعب إيران مع القرارات الأممية، فبعد انسحاب أمريكا من الاتفاق وفرض عقوبات أحادية الجانب على طهران. بلعت طهران الإهانة وسوقت تسريباً رفع درجة التخصيب، كما روجت لتعرضها لحرائق وتفجيرات في مفاعلاتها وكلها لتمثيل دور الضحية، لكن حقيقة الأمر أن رفع حظر استيراد وتصدير الأسلحة من أهم الأسباب التي دفعت إيران للبقاء في الاتفاق النووي على الرغم من إخفاق الدول في التزاماتها. وبتضليل سمج هنأ روحاني الشعب الإيراني بمناسبة هذا الحدث وكأنه «يوم وطني» وانتصار للأمة والهزيمة المشينة لترامب.

* بالعجمي الفصيح:

ستصدر إيران أسلحتها التقليدية لساحات القتال في ناغورنو كاراباخ كما تفعل تركيا، وستنتظر رفع الحظر عن بيع صواريخها أيضاً للحوثيين و «حزب الله»، لكن كل ذلك، لايغير من أمر كرامة الإيرانيين المهدرة جراء مغامرات نظام الملالي.

* كاتب وأكاديمي كويتي