سماهر سيف اليزل

قالت الاختصاصية الاجتماعية فخرية شبر: إن الصحة النفسية لها أهمية كبيرة بالنسبة إلى الفرد والمجتمع، فهي تشكل الاستقرار والتكيف النفسي السليم مع الذات ومع المجتمع، لافتة إلى أن الصحة النفسية تنشئ أشخاصاً مستقرين نفسياً لديهم القدرة على ضبط الانفعالات والتحكم بالذات وتوجيه سلوكياتهم بشكل سليم وسوي وقادرين على حل المشكلات بإيجابية ويتعاملون بشكل مرن مع مختلف المشكلات حولهم وتجعل منهم أكثر فاعلية للعطاء والإنجاز، مؤكدة أن الأشخاص الذين لا يتمتعون بصحة نفسية تكون سلوكياتهم غير محببة ويفضلون الهروب والانسحاب من المشكلات.

وأوضحت شبر أن هناك إشارات أو أعراضاً تدل على مشكلات مرتبطة بالصحة النفسية، منها الإشارات التي يُعد ظهورها مؤشراً لإمكانية التعرض لمشكلات في الصحة النفسية، مثل: تدهور تدريجي أو مفاجئ في الأداء الدراسي، والشعور بالتعب والإرهاق أغلب الأوقات، وكثرة المشكلات، والانسحاب من الحياة الاجتماعية، وتقلُّب المزاج والسلبية والحزن المستمر وسهولة الاستثارة أغلب الأوقات، وصعوبات في النوم، واستخدام الكحول أو الأدوية والمخدرات، واكتساب الوزن أو خسارته بصورة ملاحظة، ورؤية أو سماع أمور ليست موجودة، واعتقاد الفرد أن الناس يسخرون منه ويكرهونه ويتصيدون له.



وأشارت إلى أن الصحة النفسية تتأثر بمجموعة من العوامل منذ بداية النمو النفسي والجسدي والاجتماعي، وقد تكون هذه العوامل ناتجة من بيئة داخلية والمقصود بها الأسرة أو بيئة خارجية المقصود بها المجتمع (المدرسة)، حيث تعمل الأسرة على تأسيس شخصية الطفل منذ سنيه الأولى (الخمس السنوات الأولى) التي تشكل الأساس في تكوين شخصيته واتجاهاته وسلوكياته، مؤكدة أن الأسر التي تقوم بالتنشئة الأسرية الصحيحة والسوية تخرج أطفالاً أصحاء نفسياً، لديهم توافق أسري مع ذواتهم ومع الآخرين، لافتة إلى أن التنشئة الأسرية غير السليمة ينتج عنها أطفال غير أسوياء يعانون وتظهر لديهم بعض السلوكيات غير الصحيحة تنتج عنها تصرفات غير محببة ومدمرة لأنفسهم وللآخرين.

أما بالنسبة إلى البيئة الخارجية (المدرسة) والتي يجب أن يكتسب منها امتداداً لما تم تزويده وتأسيسه به داخل الأسرة من القيم والعادات والتقاليد والمعايير فقالت شبر: إن المدرسة تعد مكملة لإكساب الطفل من خلال تفاعله مع البيئة المدرسية من طلاب ومعلمين وتؤثر بشكل إيجابي أو سلبي بحسب المواقف التي يلقاها.

وتابعت: "هناك عوامل أخرى مثلاً: تعرض الفرد للإساءة. إنّ التعرض للإساءات سواء كانت نفسية أم جسدية أم جنسية من أهم العوامل التي تُحفّز المشكلات النفسية على الظهور، لذلك فإنّ وجود بيئة أسرية واجتماعية آمنة وصحية يُساهم بفاعلية في تحقيق الصحة النفسية. توجد مجموعة من المعايير والمقاييس التي يتم من خلالها قياس الصحة النفسيّة للأفراد، أولاً أن يكون قادراً على التكيف مع المجتمع بكافة الأشكال (التكيف النفسي) المقصود به قدرة الإنسان على التوفيق بين حاجاته ودوافعه والتحكم بها، كما أنّها تعني القدرةَ على التحكّم في الأفكار والصراعات الداخلية، والسيطرة عليها، والتحلي بالهدوء والاستقرار العقليّ والتوافق النفسي والشعور بالسعادة، والقدرة على التحكم في المشاعر السلبية والإيجابيّة والتعبير عن الانفعالات بصورة طبيبعة ومتوازنة بها نضج انفعالي والتحكم في الغضب وأيضاً التكيف الاجتماعي والمقصود به تكيف الفرد مع أسرته وعائلته وأصدقائه والقدرة والدافعية للإنجاز".

وأوضحت: "يوجد العديد من الطرق والأساليب والإجراءت التي تساعد وتساهم في تعزيز وتحسين الصحة النفسية السليمة وخاصة خلال جائحة كورونا، منها الاهتمام بالذات من خلال تخصيص وقت لنفسك، وتكوين صورة إيجابية مستمرة، والاسترخاء، والابتعاد عن المواقف التي تجلب القلق والتوتر، والسعي نحو الإنجاز والعطاء من خلال العمل التطوعي، وتحقيق الأهداف، والاهتمام بالصحة الجسدية والعلاقات الاجتماعية ومساعدة الآخرين، والقراءة الإيجابية والتثقيف المستمر".

وختمت شبر بالقول: "تنعكس الصحة النفسية السليمة على جميع تفاعلات وتعاملات واستجابات الفرد المختلفة للمثيرات وطريقة تعامله مع الظروف والأحداث والتغيرات والتحولات في حياته. تعريفات الصحة النفسية عديدة والتعريف الأشمل كان لمنظمة الصحة العالمية؛ حيثُ عرّفت الصحة النفسية على أنّها حالة من التعايش الصحي السليم في جميع النواحي الجسمية والنفسية والاجتماعية والخلو من العجز والمرض النفسي والجسمي، ومن الممكن تعريفها أيضاً أنّها التفاعل الإيجابي السليم مع الذات الداخلية ومع البيئة الخارجية، إذن هي الحالة السائدة والمستمرّة نسبياً عند أغلب الأفراد في أغلب الأحيان، فيسود شعور السعادة الداخلية والخارجية، ويرتفع معدل الإنجاز والطموح، فيكون فرداً سويّاً حسن الخلق".