عندما يدفع النظام الإيراني أذرعه الإعلامية والحزبية من أجل تهييج وسائل التواصل الاجتماعي بشأن إقدام البحرين والإمارات على إقامة علاقات دبلوماسية مع إسرائيل، فليس السبب -كما يدعي النظام- دعم القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني، فهذا النظام أبعد ما يكون من حبه للعرب ونصرة قضاياهم، بدليل معاناة شعوب عربية كالعراق ولبنان وسوريا واليمن من تدخلات هذا النظام المستمرة في شؤون دولهم.

ولكن السبب هو أن النظام الإيراني بدأ يشعر بأن إقامة علاقات دبلوماسية بين الدول الثلاث فيه قضاء على أحلامه ومشاريعه التوسعية في المنطقة وتحديداً في دول الخليج العربي التي دأب هذا النظام على التدخل في شؤونها وزرع أذرعها وميليشياتها فيها، وكان آخرها إطاحة رئاسة أمن الدولة في المملكة العربية السعودية بخلية إرهابية مدعومة من الحرس الثوري الإيراني الإرهابي، تلقت عناصرها تدريبات عسكرية وميدانية في إيران.

لذلك فإن دخول إسرائيل في المسار الخليجي من شأنه أن يبعثر أوراق الإيرانيين في المنطقة، فإسرائيل تطمح هي الأخرى إلى فتح آفاق التعاون مع الإمارات والبحرين في مختلف المجالات خاصة الاقتصادي، ما يعني انفتاحاً كبيراً ومتوقعاً في المجالات التجارية والاستثمارية بينها وبين البحرين والإمارات وبالتالي فإن المصالح الإسرائيلية تقتضي عدم وجود دولة تهدد الأمن والاستقرار لدول المنطقة، لأن ذلك يعني تهديداً لمصالح إسرائيل فيها، ولن يُرضي ذلك إسرائيل بالتأكيد.

وهنا نأتي لدور الولايات المتحدة الأمريكية، التي ستدافع عن أمن أسرائيل ومصالحها وهو أولوية بالنسبة لسياستها الخارجية، وسواء كان الرئيس المقبل جمهوري أو ديمقراطي فإن تلك السياسة والنظرة تجاه أمن إسرائيل لن تتغير، لذلك فإنها لن تقف مكتوفة الأيدي لمجرد تفكير النظام الإيراني بتعكير الأمن والاستقرار في الخليج العربي.

إن النظام الإيراني يعلم جيداً ما تكبده من خسائر فادحة بسبب اتفاق الدول الثلاث، لذلك فهو يلجأ إلى استخدام ورقة «الشعوب» محاولاً بذلك تأجيج الشارع العربي ضد البحرين والإمارات من خلال أذرعه الإعلامية التي نعلمها جميعاً، وواجب علينا هنا بصفتنا شعوباً عربية أن نعي ذلك جيداً، حيث ما يردده الإعلام المحسوب على إيران ليس من أجل فلسطين ولا نصرةً لشعبها الشقيق، وإنما هي ردة فعل لتوجع هذا النظام وألمه بسبب إنهاء الإمارات والبحرين لأحلامه في المنطقة، ولو كانت فلسطين هي السبب لكان الفيلق الإيراني المسمى بـ «القدس» خاض معارك ضروس لتحرير القدس، ولكنه لم ولن يجرؤ على ذلك، بل وجه قوته ضد العرب لاضطهادهم وتهديد أمنهم واستقرار دولهم.