ما يحدث في البلاد العربية عامة حال حصول خطأ ما في أي وزارة ينبري من يطالب باستقالة الوزير، معتبراً ذلك هو الحل والمانع من تكرار حدوث مثل ذلك الخطأ. أما خطأ هذا التفكير فيتبين عند تكرار الخطأ نفسه من موظف آخر في الوزارة نفسها، حيث المطالبة باستقالة الوزير وتلبية الوزير لتلك الرغبة لا يمكن أن تمنعا من تكرار الخطأ بدليل حدوثه من جديد رغم استجابة الوزير واستقالته عند حصول الخطأ الأول.

إقدام بعض الوزراء في بعض دول العالم على تقديم استقالاتهم عند حصول «كرب» ما هو للتعبير عن تحملهم للمسؤولية، لكنه لا يغير من الأمر شيئاً، ولهذا فإنها في الغالب ترفض من قبل الحكومات المعنية، فهذه الحكومات تعلم جيداً أن تغيير الوزير لا يعني منع تكرار الخطأ، تماماً مثلما تعلم أن حصول الخطأ ليس بسبب وجود الوزير على رأس الوزارة.

عندما يرتكب موظف ما في وزارة ما خطأ ما حتى لو كان شنيعاً لا أحد يضمن عدم تكراره إن قدم الوزير المعني استقالته وتم تعيين وزير آخر مكانه، فالاستقالة لا تضمن عدم تكرار الخطأ، وتغيير الوزير لا يعني عدم وقوع المنتمين إلى الوزارة في أخطاء أخرى، فهم في النهاية بشر، والخطأ من البشر وارد في كل حين. ولأن الوزير الجديد يحتاج إلى فترة زمنية تتراواح بين ستة أشهر وسنة على الأقل كي يستوعب مفاتيح الوزارة المسندة إليه مسؤولياتها لذا فإن احتمال تكرار الخطأ نفسه يكون وارداً في هذه الفترة بصورة أكبر، لو أننا نعتقد بأن الوزير هو سبب حصول الأخطاء.

نعم هناك من الأخطاء ما لايمكن قبوله، لكن لا يمكن لأحد أن يقنعنا بأن ضمان عدم تكرارها هو بقيام الوزير المعني بتقديم استقالته وبتعيين الحكومة وزيراً جديداً مكانه... فالجديد لا يمكنه منع الخطأ حتى لو كان هو نفسه الذي طالب الوزير بتقديم استقالته!