لا تزال سيرة رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم تشدنا ونسمعها مراراً وتكراراً، فمحبتنا لنبي الرحمة من الصعب أن يفسرها من يكون، فمحمد صلى الله عليه وسلم ليس إنساناً كسائر البشر وإنما اجتمعت فيه كل صفات وخصال الإنسانية والكمال والأخلاق الرفيعة فهو القدوة الجميلة والسيرة العطرة.

الإساءة للإسلام وللرسول صلى الله وسلم وباقي الأنبياء وجبريل عليهم السلام والملائكة الكرام من خلال الأفلام والرسوم ليست وليدة اليوم بل هو تعبير واضح عن ضغينة مدفونة لدين الله وغالباً ما تكون لدوافع سياسية، أبداً لا تندرج تحت حق التعبير عن الرأي فإهانة الأديان وأهم رموزها ليس حقاً من حقوق الإنسان وإنما وسيلة رخيصة لنشر الحقد والعداء بين الشعوب تماماً ما يحدث اليوم في المجتمع الفرنسي من فوضى، وما حدث ما كان يجب أن يحدث.

أولاً: ما كان يجب على المدرس الفرنسي أن يختار رسوم كاريكاتير مسيئة للرسول لموضوع «حرية التعبير» فهناك الكثير من المواضيع التي يمكن التطرق لها وذات اهتمام فرنسي مثل تناول موضوع المثليين أو سياسة حكومتهم أو قضايا الشارع الفرنسي مثل التعطل وغلاء المعيشة أو عن اعتصامات السترات الصفراء.

ثانياً: ما كان للقاتل المسلم أن يسفك دم إنسان، باعتبار أن سفك الدماء من الكبائر، ولنا في سيرته ولسماحته عليه الصلاة والسلام وعفوه قدوة بمن آذاه من أهل الطائف عندما ذهب إليهم داعياً للإسلام ولكنهم قابلوه بالسب والضرب، فأرسل الله تعالى جبريل عليه السلام حتى يطبق الجبلين على أهلها كرامة ومحبة لنصرة رسوله ولكن رسولنا رفض هذ العقاب آملاً أن يخرج من أصلاب أهل الطائف جيلاً مسلماً يعبد الله تعالى، فلهذه الحادثة عبرة للعفو رغم الاقتدار. ما هكذا ندافع عن رسولنا الكريم ولا أن ندافع عن نبي ونسكت عن الباقين، أين الحمية لنبي الله عيسى وأمه مريم وموسى ونوح وآدم عليهم السلام من الأفلام الهزلية والرسوم المسيئة؟! وكأن هؤلاء ليسوا أنبياءنا، علينا في كل المواقف أن نحتذي بالرسول الكريم ونتعامل مع العالم بأخلاق المسلم لا بأخلاق المسيء، وألا نكون أدوات رخيصة تحط من قدر ديننا ظناً بأننا نحميه، لأن القتل والفوضى لا يعبران عن حبنا للرسول صلى الله عليه وسلم.

ثالثاً، من واجبات رئيس أي دولة امتصاص غضب الشارع في بعض المواقف الحاسمة خاصة المجتمعات ذات الثقافات المتعددة مثل فرنسا، وللأسف الرئيس الفرنسي لم يوفق في خطابه لتهدئة الأمر وإنما جعل شعبه على صفيح ساخن من الفوضى، جعله يدفع ثمن ضآلة بصيرته وحكمته في تناول مثل هذه القضايا التي فتح باب حرية الرأي والتعبير على مصراعيه دون الالتفاف إلى ما يخلفه ذلك من بلبلة وفوضى.