اختار مصطفى مضمون المخرج التلفزيوني المغربي، في بادرة تعد الأولى من نوعها في المغرب، تقديم فيلمه "ألوان المنفى" في عرضه ما قبل الأول للسجينات بمدينة مكناس قبل بثه على القنوات الوطنية.
وعرض شريط "ألوان في المنفى" المقتبس عن سيرة الفنان الهولندي فان غوغ ضمن الأنشطة الموازية لمهرجان مكناس للفيلم التلفزيوني، ولقي تجاوباً كبيراً من قبل السجينات والفنانين وممثلي بعض وسائل الإعلام الوطنية و الدولية.
وعبر مصطفى مضمون، مخرج الفيلم في تصريح عن اندهاشه، من السكون والصمت الذي ساد القاعة طيلة العرض، وكيف كانت مشاعر الحزن والفرح تعلو وجوه السجينات، بل إن بعض الفنانين والإعلاميين كانوا يغالبون دموعهم فيما لم يستطع آخرون ذلك وهم يبادلون السجينات هذه اللحظة الإنسانية المفعمة بمشاعر قوية فجرها العرض.
وتمنى مضمون بعد هذه التجربة، لو أنه يستطيع عرض فيلمه في كافة سجون المغرب، ليروي لهذه الشرائح الاجتماعية قصصا وحكايات تسهم في أن تعيد لهم وللمجتمع العافية، وتحسسهم بمتعة الحياة وتكشف لهم عن المنجم الأصيل للإنسان.

وأشار في السياق ذاته، إلى أنهم في آخر المطاف مواطنون وبشر مثلنا، يعيشون حالة تمزق نفسي وجسدي، ربما يدفعهم لارتكاب الخطأ حين تعوزهم الحكمة، و في نظره، فالدراما والفن عموما تساعدنا في أن نمتلك الحكمة وتعلمنا في كثير من الأحيان كيف نعيش، مبرزا أن دور المؤسسة السجنية إصلاحي أكثر ما هو عقابي، ولكي تلعب دورها في إعادة دمج الناس في المجتمع والحياة فهي في حاجة إلى مشاريع اجتماعية ومبادرات إنسانية تنعش روحهم.
من جانبه وصف الفنان عزيز موهوب في تصريح لـ "العربية نت"، هذه التجربة بالجيدة والهادفة، لكون السجناء استطاعوا أن يشاهدوا الفيلم قبل بثه على القنوات التلفزيونية المغربية للعموم، هذا إضافة إلى القيمة الفنية للفيلم، مذكرا في السياق ذاته ببعض الأعمال المسرحية التي سبق له تقديمها بصحبة فرقته في السجون المغربية ولقيت تجاوبا، لكونها كانت تعبر عن مشاعر وأوضاع الناس.
من جهته، قال محمود بلحسن المدير الفني لمهرجان مكناس للفيلم التلفزيوني في تصريح، إن هذه المبادرة تأتي في سياق العديد من الانشطة التي تقوم بها إدارة المهرجان لفائدة السجناء في مناسبات مختلفة، كرمضان وعيد الفطر وعيد المرأة وغيرها، مشيرا إلى أن إدارة سجن "تولال" بمكناس سبق وأن اقترحت عليهم فكرة عرض سلسلة من الأفلام بحضور الفنانين والمخرجين قصد تثقيف السجناء والمساهمة في إدماجهم داخل المجتمع.
وأوضح بلحسن، أنه تم اختيار فيلم "ألوان في المنفى"، نظرا لقوة مضمونه الروائي، الذي يحكي قصة امرأة قوية وشريرة ترغب في كسب المال بأية وسيلة فيكون مصيرها السجن في آخر المطاف، مشيرا بأن الفيلم دراما اجتماعية يطبعها عنصر الإصرار والتحدي، وصراع الخير والشر، الجشع والطمع في مقابل البساطة والعيش في سلم.
يشار إلى أن سجن الرجال حظي هو الآخر بعرض فيلم "بابا تكونيكتا" للمخرجة المغربية فريدة بورقية، إلى جانب الاحتفاء بالفنانين وتكريمهم بتسليمهم شواهد تقديرية قدمت لهم من طرف بعض إدارة المؤسسة السجنية ، والتي اعتز هؤلاء الفنانون بقيمتها الإنسانية ووعدوا بتعليقها في منازلهم.