التعبير عن موقفك من بلد ما لسبب ما في فترة ما بمقاطعتك شراء منتجاته حق لا يمكن لأحد أن ينازعك فيه، لكن القول بأن هذه المقاطعة ستدمر اقتصاد ذلك البلد قول مبالغ فيه، فمقابلك يتوافر آخرون يعملون على دعم اقتصاد ذلك البلد.

هذه حقيقة ينبغي وضعها في الاعتبار عند اتخاذ قرار مقاطعة منتجات بلد ما وإن شارك فيه الملايين.

في إحدى السنوات اتخذ العرب موقفاً من واحد من المحلات العالمية الشهيرة تم اتهام صاحبه بأنه يقدم جزءاً من أرباحه لدعم الصهيونية وقرروا مقاطعته بالتوقف عن شراء أي شيء يباع في تلك المحلات من أي بلد. نظرياً النتيجة المنطقية لمقاطعة كل هذه الملايين لهذا المحل هي إفلاس صاحبها وإعلانه التراجع عن الذي يقوم به وتعلمه درساً لن ينساه طوال حياته. لكن عندما زرت بعد قليل إحدى البلاد الأوروبية ودفعني الفضول لمعرفة حركة مبيعات فرع ذلك المحل فوجئت بما رأيت، فالحركة فيه لا تتوقف طوال اليوم والآلاف يشترون منه في كل ساعة، وعندما سألت قيل لي إن هذا واحد من الفروع العشرة لذلك المحل في تلك المدينة فقط، أي أن لذلك المحل في ذلك البلد الأوروبي فروعاً كثيرة، وأن له في البلدان الأوروبية الأخرى وفي الدول غير العربية على امتداد الأرض فروعاً يصعب إحصاؤها، فأدركت هزالة القرار الذي اتخذ حينها والذي في كل الأحوال ضعف بعد وقت قصير وانتهى مفعوله.

هنا مثال آخر يعزز وجهة النظر المتعلقة بعدم نجاح خيار مقاطعة المنتجات، فوسط القرار الشعبي الذي اتخذه الناس في السعودية والعديد من الدول بمقاطعة المنتجات التركية قام أحد المحلات الشهيرة في قطر بالترويج لتلك المنتجات وبيعها بأسعار مخفضة تضامناً مع تركيا وسعياً لإفشال قرار مقاطعة منتجاتها!

الأمر نفسه يحصل اليوم مع المنتجات الفرنسية خصوصاً بعدما تبين أن البعض عمد إلى لي عنق الحقائق لخدمة أهدافه الضيقة.